كل تقديرات الموقف من الآن، إلى ما بعد تسلّم دونالد ترامب، مقاليد الرئاسة الأميركية، تحتاج إلى تريّث. وذلك بسبب خصوصية آرائه ومواقفه، بالنسبة إلى مختلف القضايا السياسية والاقتصادية، سواء أكان في ما يتعلق بقضايا منطقتنا العربية - الإسلامية، أم كان في ما يتعلق بالقضايا العالمية. بل حتى بالنسبة إلى الوضع الداخلي الأميركي، في ما يتعلق بالدولة العميقة.

على أن دونالد ترامب، تدخل منذ نجاحه في الانتخابات، في موضوع الإسراع بوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وهنا كرّر تهديده في فتح أبواب جهنم، إذا لم يتوقف إطلاق النار، قبل تسلمه لصلاحية الرئيس المنتخب.

والأهم إطلاق الأسرى المحتجزين عند حماس. وكان آخر تصريح له خلال هذا الأسبوع، قد قال فيه أن أبواب الجحيم ستفتح على حماس، وغيرها، إذا لم يتم إطلاق المحتجزين الأسرى.

طبعاً التهديد موجّه إلى حماس أولاً. وذهب البعض إلى اعتباره يمسّ نتانياهو كذلك، ولو من بعيد. أما الغريب في هذا التصريح كونه يتضمن استخدام القوة بالضرورة. وهو الذي يناقض نقده، أو رفضه، لاستخدام القوّة العسكرية، كما فعل بايدن.

وقد تباهى ترامب أنه في عهده السابق، لم يلجأ إلى القوّة العسكرية. وإنما حقق أهدافه باستخدام أساليب الضغط، أو ما أسماه نهج عقد «الصفقات».

اما الأعجب، فعدم ملاحظته، بأن فَتْح أبواب الجحيم، سيقضي قضاءً مُبرماً على الهدف الذي توخاه. أي إطلاق كل «المختطفين» الأسرى. (وكأن تلك الأبواب ليست مفتوحة على مصاريعها، لأكثر من أربعة عشر شهراً)

ولكن لنفرض بأن في جعبته أكثر كثيراً، بما يوقعه في تناقض مع هدفه الذي دفعه لفتح أبواب جهنم. وهو حتمية القضاء على كل الأسرى حتماً، وبالضرورة.

أي أن فتج أبواب جهنم على حماس، كما يوحي التصريح، لن تكون نتيجته، موضوعياً، إلاّ إدخال الأسرى في تلك «الأبواب»، بلا نجاة لأحدهم.

وبهذا يكون دونالد ترامب، قد كشف عن واحد من وجوه سياساته القادمة. مما يدّل على تخبّط، غير محسوب. مما يؤدي إلى فشله في جولته القادمة في رئاسة الولايات المتحدة الأميركية.