+ A
A -
كان الصَّحابة يحيطون بسيِّدهم إحاطة السِّوار بالمعصم، ينتظرون بلهفة كل كلمة يقولها ليأخذوها عنه، وقال لهم مرةً: من أنفقَ زوجين في سبيل الله/ اثنين من أي شيء كان في سبيل الله نُوديَ من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير. فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعيَ من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دُعيَ من باب الرَّيان، ومن كان من أهل الصَّدقة دُعيَ من باب الصَّدقة.
فقال أبو بكر الصِّديق: بأبي أنتَ وأمي يا رسول الله، ما على من دُعيَ من تلكَ الأبواب من ضرورة، فهل يُدعى أحدٌ من تلك الأبواب كلها؟
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، وأرجو أن تكون منهم!
أسهل شرحٍ للحديث يحضرني قصة حدثت بين الإمام مالك وعبد الله العمري العابد، الَّذي اعتزلَ الناس للصيام والقيام والصلاة والقرآن، فكتبَ إلى الإمام مالكٍ يحضه ويحثه على اعتزال الناس والإقبال على العبادة، والاشتغال بأمر نفسه عنهم.
فكتبَ له الإمام مالك يقول: إنَّ الله قسمَ الأعمال كما قسمَ الأرزاق فرُبَّ رجلٍ فُتحَ له في الصلاة ولم يُفتح له في الجهاد! ورُبَّ رجلٍ فُتحَ له في الصَّدقة ولم يُفتح له في الصيام، وإنَّ نشر العلم من أفضل أعمال البر، وقد رضيتُ بما فتح الله لي فيه، وما أظنُّ ما أنا فيه أقل مما أنتَ فيه من الأجر، وأرجو أن يكون كلانا على خير!
لو تأمل كل واحدٍ منا في نفسه لوجدَ أنه قد أوتيَ قدرةً على عبادة محددة لم يُؤتَ قدرةً مثلها في غيرها، فليكثر منها فهي بابه إلى الجنة، على أن الأبواب الأخرى لا تُترك مطلقاً. تجدُ أحدنا أنه أُعطيَ قدرة على الصيام وليس له طاقة في الصدقة، وآخر حُبب إليه القرآن ولم يُفتح له كثيراً في باب الحديث، وكل النعمة فيمن كان له سباق في أكثر من مضمار!
يكفيك أن تُكثر من فعل ما فتحَ الله عليكَ فيه، دون أن تترك ما لم يفتح لكَ فيه مطلقاً، ولو قام كل واحدٍ منا على عبادةٍ يجدها يسيرة عليه لكانت هذه الأمة بخير!
حسان بن ثابت لم يحمل سيفاً لا في الجاهلية ولا في الإسلام، فلم يشترك في جهاد قط، ولكنه أوتيَ حظاً من الشِّعر فدافع عن الإسلام بقصائده التي لم تقل ضراوةً عن سيف خالد بن الوليد، وكل منهما نصرَ الإسلام بما فتحَ الله عليه!
أُنظر إلى الموهبة التي أعطاكَ الله إياها، تجد أن ثغراً من ثغور الإسلام ينتظر منكَ أن تحرسه، فَكُنْ هناك، فمقامكَ حيثُ اللهُ أقامكَ!بقلم: أدهم شرقاوي
فقال أبو بكر الصِّديق: بأبي أنتَ وأمي يا رسول الله، ما على من دُعيَ من تلكَ الأبواب من ضرورة، فهل يُدعى أحدٌ من تلك الأبواب كلها؟
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، وأرجو أن تكون منهم!
أسهل شرحٍ للحديث يحضرني قصة حدثت بين الإمام مالك وعبد الله العمري العابد، الَّذي اعتزلَ الناس للصيام والقيام والصلاة والقرآن، فكتبَ إلى الإمام مالكٍ يحضه ويحثه على اعتزال الناس والإقبال على العبادة، والاشتغال بأمر نفسه عنهم.
فكتبَ له الإمام مالك يقول: إنَّ الله قسمَ الأعمال كما قسمَ الأرزاق فرُبَّ رجلٍ فُتحَ له في الصلاة ولم يُفتح له في الجهاد! ورُبَّ رجلٍ فُتحَ له في الصَّدقة ولم يُفتح له في الصيام، وإنَّ نشر العلم من أفضل أعمال البر، وقد رضيتُ بما فتح الله لي فيه، وما أظنُّ ما أنا فيه أقل مما أنتَ فيه من الأجر، وأرجو أن يكون كلانا على خير!
لو تأمل كل واحدٍ منا في نفسه لوجدَ أنه قد أوتيَ قدرةً على عبادة محددة لم يُؤتَ قدرةً مثلها في غيرها، فليكثر منها فهي بابه إلى الجنة، على أن الأبواب الأخرى لا تُترك مطلقاً. تجدُ أحدنا أنه أُعطيَ قدرة على الصيام وليس له طاقة في الصدقة، وآخر حُبب إليه القرآن ولم يُفتح له كثيراً في باب الحديث، وكل النعمة فيمن كان له سباق في أكثر من مضمار!
يكفيك أن تُكثر من فعل ما فتحَ الله عليكَ فيه، دون أن تترك ما لم يفتح لكَ فيه مطلقاً، ولو قام كل واحدٍ منا على عبادةٍ يجدها يسيرة عليه لكانت هذه الأمة بخير!
حسان بن ثابت لم يحمل سيفاً لا في الجاهلية ولا في الإسلام، فلم يشترك في جهاد قط، ولكنه أوتيَ حظاً من الشِّعر فدافع عن الإسلام بقصائده التي لم تقل ضراوةً عن سيف خالد بن الوليد، وكل منهما نصرَ الإسلام بما فتحَ الله عليه!
أُنظر إلى الموهبة التي أعطاكَ الله إياها، تجد أن ثغراً من ثغور الإسلام ينتظر منكَ أن تحرسه، فَكُنْ هناك، فمقامكَ حيثُ اللهُ أقامكَ!بقلم: أدهم شرقاوي