+ A
A -
محمد هنيد
أستاذ مشارك بجامعة السوربون قد لا يختلف اثنان على أنّ الدول العربية بشكل عام صارت دولا طاردة لأبنائها وهو الأمر الذي أدى إلى موجات هجرة متعاقبة. صحيح أن بعض الدول الغنية وخاصة منها الدول الخليجية ليست معنيّة بهذه الظاهرة لكنّ دولا أخرى صارت اليوم تعيش نزيفا ديمغرافيا كارثيا.
من جهة أولى تمثل موجات الهجرة الجديدة المتعلقة بمناطق النزاع مثل سوريا واليمن وليبيا طبقة جديدة تضاف إلى الأطوار الأكبر التي عرفتها ظاهرة الهجرة عربيا. من الجزائر والمغرب وتونس خرج ملايين المهاجرين منذ منتصف القرن الماضي نحو أوروبا تحديدا قبل أن تنشط الوجهات الأخرى بعد ذلك وقد شكّل هؤلاء المهاجرون جزءا أساسيا من النسيج البشري والمجتمعي في البلدان التي استوطنوها وبلغ حضورهم فيها الجيل الرابع والخامس اليوم. بذلك تحوّل المهاجرون إلى مواطنين أوروبيين يحملون ثقافة وجنسية ولغة البلد الذي يقطنون به وهو الأمر الذي يشكل نزيفا حقيقيا للدول التي قدموا منها.
لا تقتصر خطورة الهجرة على الأدمغة والكفاءات العلمية التي تشكّل خسارة جسيمة للدول التي تخرج منها لكنّ النزيف يمتدّ اليوم ليشمل كل القوى الحية والطاقات الشبابية التي تمثل الخزان الأساسي لكل اقتصاد ناشئ. موجات الهجرة الشرعية وغير الشرعية القادمة من جنوب المتوسط والممتدة من شمال إفريقيا وصولا إلى مصر شرقا نحو أوروبا لا تكاد تتوقف بل تضاعفت أعدادها في السنوات العشر الأخيرة. وهو الأمر الذي ستكون له انعكاسات كارثية على مجتمعات هذه الدول في العقود القادمة بسبب الخلل وانعدام التوازن الناجم عن موجات الهجرة. في المقابل لا تبدو أنظمة الدول المعنية بموجات الهجرة مكترثة بهذا النزيف بل يرى كثير من المراقبين أنها تشجع على ذلك بشكل غير مباشر لأنها تحقق من ذلك أرباحا مزدوجة إذ تمثل القوى العاملة مصدرا للعملة الصعبة من جهة أولى وهي تساهم كذلك في تخفيض نسبة البطالة ومطالب التشغيل بشكل يخفف الضغوط على الدولة ويمتص حالة الاحتقان الاجتماعي.
من جهة أخرى تدرك الدول الأوروبية جيدا قيمة العنصر البشري في إسناد الاقتصاد وفي تكوين الثروة وتجديد دماء المجتمعات عبر ضخ عناصر بشرية جديدة تكون قادرة على تحقيق الإضافة النوعية. إن أوّل شروط السيادة الوطنية للدولة إنما يتمثل في القدرة على تحصين نسيجها البشري بما هو رأس الثروة وأول مصادرها. دون مواجهة نزيف الهجرة الذي يهدد المجتمعات العربية مواجهة فعّالة وجذرية بمحاربة الفساد وتوفير مواطن الشغل فإن المنطقة ودولها تبقى مفتوحة على كل المخاطر والانزلاقات.
أستاذ مشارك بجامعة السوربون قد لا يختلف اثنان على أنّ الدول العربية بشكل عام صارت دولا طاردة لأبنائها وهو الأمر الذي أدى إلى موجات هجرة متعاقبة. صحيح أن بعض الدول الغنية وخاصة منها الدول الخليجية ليست معنيّة بهذه الظاهرة لكنّ دولا أخرى صارت اليوم تعيش نزيفا ديمغرافيا كارثيا.
من جهة أولى تمثل موجات الهجرة الجديدة المتعلقة بمناطق النزاع مثل سوريا واليمن وليبيا طبقة جديدة تضاف إلى الأطوار الأكبر التي عرفتها ظاهرة الهجرة عربيا. من الجزائر والمغرب وتونس خرج ملايين المهاجرين منذ منتصف القرن الماضي نحو أوروبا تحديدا قبل أن تنشط الوجهات الأخرى بعد ذلك وقد شكّل هؤلاء المهاجرون جزءا أساسيا من النسيج البشري والمجتمعي في البلدان التي استوطنوها وبلغ حضورهم فيها الجيل الرابع والخامس اليوم. بذلك تحوّل المهاجرون إلى مواطنين أوروبيين يحملون ثقافة وجنسية ولغة البلد الذي يقطنون به وهو الأمر الذي يشكل نزيفا حقيقيا للدول التي قدموا منها.
لا تقتصر خطورة الهجرة على الأدمغة والكفاءات العلمية التي تشكّل خسارة جسيمة للدول التي تخرج منها لكنّ النزيف يمتدّ اليوم ليشمل كل القوى الحية والطاقات الشبابية التي تمثل الخزان الأساسي لكل اقتصاد ناشئ. موجات الهجرة الشرعية وغير الشرعية القادمة من جنوب المتوسط والممتدة من شمال إفريقيا وصولا إلى مصر شرقا نحو أوروبا لا تكاد تتوقف بل تضاعفت أعدادها في السنوات العشر الأخيرة. وهو الأمر الذي ستكون له انعكاسات كارثية على مجتمعات هذه الدول في العقود القادمة بسبب الخلل وانعدام التوازن الناجم عن موجات الهجرة. في المقابل لا تبدو أنظمة الدول المعنية بموجات الهجرة مكترثة بهذا النزيف بل يرى كثير من المراقبين أنها تشجع على ذلك بشكل غير مباشر لأنها تحقق من ذلك أرباحا مزدوجة إذ تمثل القوى العاملة مصدرا للعملة الصعبة من جهة أولى وهي تساهم كذلك في تخفيض نسبة البطالة ومطالب التشغيل بشكل يخفف الضغوط على الدولة ويمتص حالة الاحتقان الاجتماعي.
من جهة أخرى تدرك الدول الأوروبية جيدا قيمة العنصر البشري في إسناد الاقتصاد وفي تكوين الثروة وتجديد دماء المجتمعات عبر ضخ عناصر بشرية جديدة تكون قادرة على تحقيق الإضافة النوعية. إن أوّل شروط السيادة الوطنية للدولة إنما يتمثل في القدرة على تحصين نسيجها البشري بما هو رأس الثروة وأول مصادرها. دون مواجهة نزيف الهجرة الذي يهدد المجتمعات العربية مواجهة فعّالة وجذرية بمحاربة الفساد وتوفير مواطن الشغل فإن المنطقة ودولها تبقى مفتوحة على كل المخاطر والانزلاقات.