+ A
A -
بعثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم معاذَ بن جبلٍ إلى اليمن وقال له: إنك تقدمُ على قوم أهل كتاب، فليكُنْ أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا اللهَ فأخبرهم أنَّ اللهَ قد فرضَ عليهم خمس صلواتٍ في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا فأخبرهم أنَّ اللهَ قد فرضَ عليهم زكاةً من أموالهم وتُردُّ على فقرائهم، فإذا أطاعوا فخُذْ منهم، وتوقَّ كرائم أموال الناس.
وتوقَّ كرائم أموال الناس، بمعنى أنكَ إذا جئتَ تجمعُ الزكاة، وكان أحدهم صاحب خيل، ونصاب الزكاة يقضي أن تأخذ منه فرساً، فلا تعمد إلى فرسه التي يحبها، وقد اتخذها راحلةً له من بين خيله، وتصر على أن تأخذها للزكاة، وإنما اخترْ غيرها كي لا يكون هذا حزناً عليه، فهدف الزكاة ليس سلب ما يحب الناس، وإنما تطهير أموالهم، بأخذ نصاب الزكاة منها، ودفعها إلى الفقراء، في عبادة هي واحدة من أرقى صور التكافل الاجتماعي على مرِّ التاريخ.
هذا الحديث يطرح أمامنا مسألة اجتماعية أخرى، ألا وهي أن لكل مجتمع عادات وتقاليد، وأشياء محببة إلى قلوبهم، اكتسبوها بالعادة، والوراثة وهي نتاج حياة اجتماعية عمرها مئات السنوات، فلا تستخف بعادة مجتمع لأنكَ لم تنشأ على هذه العادة، ولا يعرف مجتمعك ما يعرفون!
هناك مجتمعات تُحبُّ سباق الإبل، لستَ مطالباً أن تُحبَّ ما يحبون، ولستَ مجبراً على أن تشاهد هذا السباق، ولا أن تشترك فيه، ولكن يجب عليكَ أن لا تسخر من هذه العادة فقط لأنك نشأت في ظروف اجتماعية وبيئة جغرافية أخرى، وما أدراك لو أنك ولدت بينهم لكنتَ تشترك في هذه السباقات وتتعصب لها، فالإنسان ابن بيئته نهاية المطاف!
هناك أُناس يقطعون الفيافي والقفار بحثاً عن ضَبِّ يصطادونه، قد يبدو لكَ الأمر مستهجناً، والضبُّ وجبة مقززة، وهذا حقك، فقد وُضع الضبُّ على مائدة النبي صلى الله عليه وسلم فأبى أن يأكل منه وقال: إنه لم يكن بأرض قومي وأرى نفسي تعافه. فأكل خالد بن الوليد منه وهو جالس معه على المائدة فلم يُنكر عليه. احترام عادات الآخرين في المأكل ما دام حلالاً واجب عليكَ وليس منةً تسديها للناس.
إذا لم تُعجبك كرة القدم فهذا لا يعني أن الذين يهتمون بها تافهون.
وإذا لم يُعجبك صيد السمك فهذا لا يعني أنها مضيعة للوقت وليست مسلية. الناس طباع وأهواء ومشارب مختلفة. والحياة قائمة على التنوع، وكما يقول ابن خلدون: لولا اختلاف الأذواق لفسدت السلع.
علينا احترام هذا التنوع، وان لا نجعل من أنفسنا معياراً نقيس به الناس، وما أحببناه وألفناه هو الصواب وغيره الخطأ، كثير من الأشياء لا يُحكم عليها بالصواب والخطأ، وإنما هي من المباح من شاء فعلها، ومن شاء تركها، واشتغال الإنسان بنفسه خير له من الاشتغال بالناس!بقلم: أدهم شرقاوي
وتوقَّ كرائم أموال الناس، بمعنى أنكَ إذا جئتَ تجمعُ الزكاة، وكان أحدهم صاحب خيل، ونصاب الزكاة يقضي أن تأخذ منه فرساً، فلا تعمد إلى فرسه التي يحبها، وقد اتخذها راحلةً له من بين خيله، وتصر على أن تأخذها للزكاة، وإنما اخترْ غيرها كي لا يكون هذا حزناً عليه، فهدف الزكاة ليس سلب ما يحب الناس، وإنما تطهير أموالهم، بأخذ نصاب الزكاة منها، ودفعها إلى الفقراء، في عبادة هي واحدة من أرقى صور التكافل الاجتماعي على مرِّ التاريخ.
هذا الحديث يطرح أمامنا مسألة اجتماعية أخرى، ألا وهي أن لكل مجتمع عادات وتقاليد، وأشياء محببة إلى قلوبهم، اكتسبوها بالعادة، والوراثة وهي نتاج حياة اجتماعية عمرها مئات السنوات، فلا تستخف بعادة مجتمع لأنكَ لم تنشأ على هذه العادة، ولا يعرف مجتمعك ما يعرفون!
هناك مجتمعات تُحبُّ سباق الإبل، لستَ مطالباً أن تُحبَّ ما يحبون، ولستَ مجبراً على أن تشاهد هذا السباق، ولا أن تشترك فيه، ولكن يجب عليكَ أن لا تسخر من هذه العادة فقط لأنك نشأت في ظروف اجتماعية وبيئة جغرافية أخرى، وما أدراك لو أنك ولدت بينهم لكنتَ تشترك في هذه السباقات وتتعصب لها، فالإنسان ابن بيئته نهاية المطاف!
هناك أُناس يقطعون الفيافي والقفار بحثاً عن ضَبِّ يصطادونه، قد يبدو لكَ الأمر مستهجناً، والضبُّ وجبة مقززة، وهذا حقك، فقد وُضع الضبُّ على مائدة النبي صلى الله عليه وسلم فأبى أن يأكل منه وقال: إنه لم يكن بأرض قومي وأرى نفسي تعافه. فأكل خالد بن الوليد منه وهو جالس معه على المائدة فلم يُنكر عليه. احترام عادات الآخرين في المأكل ما دام حلالاً واجب عليكَ وليس منةً تسديها للناس.
إذا لم تُعجبك كرة القدم فهذا لا يعني أن الذين يهتمون بها تافهون.
وإذا لم يُعجبك صيد السمك فهذا لا يعني أنها مضيعة للوقت وليست مسلية. الناس طباع وأهواء ومشارب مختلفة. والحياة قائمة على التنوع، وكما يقول ابن خلدون: لولا اختلاف الأذواق لفسدت السلع.
علينا احترام هذا التنوع، وان لا نجعل من أنفسنا معياراً نقيس به الناس، وما أحببناه وألفناه هو الصواب وغيره الخطأ، كثير من الأشياء لا يُحكم عليها بالصواب والخطأ، وإنما هي من المباح من شاء فعلها، ومن شاء تركها، واشتغال الإنسان بنفسه خير له من الاشتغال بالناس!بقلم: أدهم شرقاوي