نظمت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، عدداً من اللقاءات والفعاليات الثقافية في مملكة تايلاند، وذلك في إطار جولة للفريق الإعلامي للجائزة للتعرف على واقع الترجمة بين اللغتين التايلاندية والعربية، بمناسبة اختيار التايلاندية ضمن لغات الإنجاز للموسم الحادي عشر من الجائزة.
شملت الجولة زيارة إلى مدرسة الدراسة الدينية، حيث التقى الوفد بطلبة المدرسة وعدد من الأساتذة، واطلعوا على جهود الشيخ الأفندي في إعداد وترجمة معجم اللغة العربية- التايلاندية الذي يتناول موضوعات النحو والصرف والبلاغة.
وتحدث الشيخ الأفندي مستعرضاً دوره في إدارة المدرسة وتعليم النشء اللغة العربية، مؤكداً أهمية اللغة في تعزيز الفهم الديني وبناء المعرفة، ودورها كجسر للتواصل الثقافي والحضاري.
وخلال اللقاء، قدمت الأستاذة الدكتورة حنان الفياض، المستشار الإعلامي لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، عرضاً عن فلسفة الجائزة وأهدافها التي تسعى إلى تعزيز مكانة المترجمين وتسليط الضوء على دورهم المحوري في البناء الحضاري. وأكدت أهمية التعليم القائم على المبادئ الدينية والقيم الإنسانية، مشددة على ضرورة غرس حب المعرفة لدى الأجيال الصاعدة. كما حثت الطلبة على الاستفادة من علم مشايخهم وتتبع خُطاهم في ترجمة الفكر الإنساني والتراث الديني والأدبي، بما يسهم في تحقيق التفاهم الثقافي بين الشعوب.
كما سلطت الدكتورة الفياض الضوء على خصوصية جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، التي تؤمن بأهمية التنوع اللغوي وعدم هيمنة لغة على أخرى.
وأشارت إلى اختيار اللغة التايلاندية ضمن اللغات المعتمدة في موسمها الحادي عشر، في إطار تعزيز الحوار الثقافي ودعم التفاهم بين الشعوب.
بدورها أشارت الدكتورة امتنان الصمادي إلى الدور الحيوي للترجمة في نقل حضارات الشعوب وتبادل المعارف. وبينت أهمية تعزيز تعليم اللغة العربية لدى الشعوب الإسلامية لما فيها من خدمة لرسالة الدين الحنيف، وأن الشعب التايلاندي يستحق المزيد من الرعاية في مجال تعليم العلوم العربية إلى جانب الدينية.
وتحدث الدكتور شيوات، المستشار في مركز اللغة العربية في تايلاند، عن تجربته المميزة في دراسة اللغة العربية في دولة الكويت، مستعرضاً تجربته بلغة عربية متميزة تعكس قدرته العالية وكفاءته في اكتساب اللغة. كما شجع الطلاب على الاستمرار في تعلم اللغة العربية، لغة القرآن الكريم، مؤكداً أهمية إتقانها لتعزيز ألفَهم الثقافي والديني وتوسيع آفاق المعرفة، وتجول الوفد في مرافق المدرسة الدينية التي تعد من أقدم وأكبر مدارس التربية الدينية في تايلاند.
وفي إطار الجولة، زار الوفد الإعلامي جمعية خريجي الجامعات والمعاهد العربية، حيث استقبلهم الإمام غازي رئيس الجمعية الذي اكتسب اللغة العربية من خلال دراسته في جامعة الأزهر بجمهورية مصر العربية، مرحباً بوفد الجائزة. واستعرض عدد من أعضاء الجمعية، من خريجي كبريات الجامعات العربية كالأزهر والجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وجامعة الكويت وجامعات المغرب العربي وغيرها، نشاطات الجمعية التي تشمل ترجمة معاني القرآن الكريم وكتب التفسير والحديث وغيرها.
وأشار الحاضرون إلى أن الجمعية، التي تأسست عام 1947، تضم حالياً أكثر من مائة عضو معظمهم يعملون في التدريس والمساجد، كما تحدث السيد محمد إيموكو، وهو خريج الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ويعمل مدرساً في المعهد العلمي الديني، عن أعماله المترجمة التي تجاوزت ستين عملاً، ومن جانبه، استعرض السيد عبد الوهاب عبد الله، خريج جامعة الكويت وهو أحد أعضاء لجنة مجلس شيخ الإسلام، مجموعة من الكتب المترجمة بين العربية والتايلاندية، مشيراً إلى أن مركز الكتب الإسلامية هو الذي يحتفظ بالمترجمات. وأوضح أن الجهود المبذولة في الترجمة تعتمد في الغالب على المبادرات الشخصية، مع غياب دعم مؤسسي مخصص لهذا المجال.
ولفت أعضاء الجمعية الانتباه إلى مسيرة المترجم السيد منير محمد، مدير المعهد الديني العالي لقسم الدراسات الإسلامية وجهوده في ترجمة المناهج، وهو أحد الشخصيات البارزة في مجال الترجمة رغم تقدمه في السن، حيث توج جهوده في الآونة الأخيرة بترجمة كتابً «العرب واليهود» على إثر الأحداث التي تشهدها غزة ليعرف المجتمع التايلاندي بمجريات الواقع السياسي في منطقة الشرق الأوسط. كما تطرق الحاضرون إلى دور جامعة فطاني، الواقعة في جنوب تايلاند، في خدمة اللغة العربية وتعليم الدراسات الإسلامية، مشيرين إلى أنها تستقطب طلاباً من غير التايلانديين، بمن فيهم طلاب من دول إفريقية. إلى جانب العديد من جامعات الجنوب التايلاندي التي تهتم بتعليم اللغة العربية كونها منطقة خاصة بالمسلمين.
وخلال اللقاء، أشار الدكتور عبد الله نومسو، الحاصل على درجة الدكتوراه في اللغة العربية، إلى أهمية تعزيز جهود الترجمة، ورداً على استفسار الوفد حول واقع الترجمة من التايلاندية إلى العربية، أوضح الحاضرون أن هذه الترجمات نادرة جداً، ما يبرز الحاجة إلى دعم أكبر في هذا المجال.
وعلى صعيد متصل، زار الوفد الإعلامي قناة «المحجة البيضاء»، وهي قناة تلفزيونية تُعنى بتقديم الأخبار والموضوعات العالمية وتهتم بالقضايا الدينية، وتعد القناة واحدة من أبرز القنوات في هذا المجال في مملكة تايلند، حيث تتمتع بنسبة مشاهدة عالية، ما يعكس تأثيرها الكبير في نشر المعرفة ومناقشة القضايا التي تهم مختلف فئات المجتمع.
بدورها، قدمت الدكتورة حنان الفياض عرضاً تفصيلياً مسجلاً للقناة حول تاريخ جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، مستهلة حديثها بدور دولة قطر في تعزيز التفاهم والتواصل بين الثقافات والمجتمعات الإنسانية. وأشارت إلى أن الجائزة تأسست بهدف دعم حركة الترجمة عالمياً بين اللغة العربية واللغات الأخرى، لتصبح خلال سنوات قليلة من أبرز وأهم الجوائز في مجال الترجمة، سواء من حيث القيمة أو التأثير.
وفي اليوم التالي استقبل سعادة السيد علي بن سعد المهندي، القائم بأعمال سفارة دولة قطر بالإنابة في مملكة تايلند، وفد جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في مقر السفارة، حيث رحب بهم مشيداً بإسهاماتهم في تعريف الشعب التايلندي بالثقافة العربية والإسلامية، مؤكداً دور الجائزة في تعزيز جسور التواصل الإنساني بين الشعوب.