+ A
A -
الدوحة الوطن

في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز دور قطر الإقليمي والدولي في إدارة التراث الوثائقي، وقّعت دار الوثائق القطرية اتفاقية شراكة مع منظمة اليونسكو لاستضافة المؤتمر الإقليمي «الذّاكرة في التراث: تعزيز التّعاون بشأن التراث الوثائقي في المنطقة العربية»، وسيُعقد المؤتمر يومي 21 و22 يناير 2025م في الدوحة، حيث سيجمع نخبة من الخبراء وممثلي المكتبات الوطنّية والمتاحف ودور الأرشيف من مختلف دول المنطقة، بالإضافة إلى منظمات إقليمية ودولية، ويهدف المؤتمر إلى تعزيز التعاون الإقليمي لتطوير آليات مبتكرة لحماية التراث الوثائقي وضمان استدامته، مع التركيز على مواجهة التحديات الكبرى التي تؤثر عليه، مثل التغير المناخي والنزاعات الإقليمية، كما يسعى المؤتمر إلى زيادة تمثيل التراث الوثائقي العربي في المحافل الدّولية، عبر جهود موحدة ورؤية استراتيجية مشتركة.

وفي هذا الصدد صرّح الدكتور أحمد عبد الله البوعينين، الأمين العام لدار الوثائق القطرية، قائلاً: «إنَّ استضافة هذا المؤتمر بالشراكة مع اليونسكو تعكس التزام دولة قطر بدعم الجهود الإقليّمية والدّولية في الحفاظ على التراث الوثائقي، ونحن في دار الوثائق القطّرية نسعى إلى تقديم منصة تجمع الخبراء والمؤسسات المعنيّة، لبناء شراكات استراتيجية تُسهم في حماية هذا الإرث الوثائقي واستثماره من خلال الحلول التقنية والرقمية المبتكرة، بما يعزز استدامته ويبرز قيمته باعتباره عنصرًا فاعلًا في التّطوير الثقافي والإقليمي».

وأضاف الأمين العام لدار الوثائق القطّرية: «أنَّ برنامج (ذاكرة العالم)، الذي أطلقته اليونسكو، يشكل إطاراً مهماً لدعم المؤسسات الإقليمية والوطنية في حماية التراث الوثائقي، وأنَّ هذه الشراكة تمثل فرصة لتعزيز التعاون الإقليمي وتطوير سياسات مستدامة تدعم حماية التراث الوثائقي، ومن خلال هذا التعاون، نسعى إلى المساهمة في تعزيز دور المؤسسات الإقليمية، وتطوير رؤية مشتركة تضمن استدامة الجهود المبذولة لحماية هذا الإرث الثقافي القيّم».

ومن جانبه أكد سعادة السيد صلاح خالد، ممثل اليونسكو لدى دول الخليج واليمن ومدير مكتب اليونسكو في الدوحة، على أهمية الحفاظ على التراث الوثائقي، قائلاً: «إنَّ حماية التراث الوثائقي تمثل ركيزة أساسية ليس فقط لتوثيق الماضي، بل أيضًا لصون الهوية الثقافية، وفهم الحاضر، ومد جسور التواصل نحو مستقبل مشرق للأجيال القادمة»، وشدّد على دور هذا التراث في تعزيز الحوار بين الثقافات، وترسيخ قيم الاحترام والتفاهم، وإبراز التبادل الثقافي والمعرفي بين المناطق والقارات.

كما أشاد سعادته بجهود المنطقة العربية في الحفاظ على تراثها، لكنه أشار إلى الحاجة المُلحة لتعزيز تمثيل المنطقة في سجل ذاكرة العالم، إذ إنَّ هذا الحضور لا يمثل حاليًّا إلا 4 % فقط من الحضور الإجمالي الدولي، ولتحقيق هذا الهدف، دعت اليونسكو إلى إنشاء لجنة إقليمية تُعنى بتوثيق التراث الوثائقي، وتعزيز التنسيق بين الدول، وبناء القدرات، وزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على هذا التراث الفريد.

وتشمل أجندة المؤتمر موضوعات متعددة، من أبرزها تأثير التغير المناخي على التراث الوثائقي، بالإضافة إلى استعراض دراسة حالات من دول تأثرت بالكوارث الطبيعية، مثل ليبيا وموريتانيا والمغرب، كما ستناقش جلسات المؤتمر دور المكتبات الخاصة والمحفوظات العائلية في الحفاظ على الوثائق التاريخية والتحديات التي تواجهها، وسيتطرق المؤتمر إلى مناقشة مشروع إنشاء لجنة إقليمية لذاكرة العالم، لتعزيز تمثيل التراث الوثائقي العربي في المحافل الدولية.

وأوضح سعادة السيد صلاح خالد أن «إنشاء سجل إقليمي سيكون فرصة لإبراز الإسهامات الغنية للمنطقة العربية في مجالات العلوم والثقافة والتواصل والتعليم، مما يعزز حضورها على الساحة الدولية»، وأكد أن هذه المبادرة تشكل خطوة مهمة نحو توطيد التعاون بين اللجان والمؤسسات الوطنية، كما شدد على أن نجاحها يعتمد على روح العمل المشترك والجهود المتكاملة بين دول المنطقة، مما يعزز مكانة التراث العربي باعتباره مصدر إلهام وفخر عالمي.

يُعد برنامج «ذاكرة العالم»، الذي أطلقته اليونسكو في عام 1992م، منصة دولية تهدف إلى دعم المؤسسات الوطنية والإقليمية في تطوير سياساتها وإدارة التراث الوثائقي بكفاءة، ومن خلال هذا المؤتمر، تسعى دار الوثائق القطرية بالشراكة مع اليونسكو إلى تقديم رؤية مستقبلية تضمن استدامة الجهود المبذولة في حماية هذا الإرث الثقافي، وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات المشتركة التي تهدد استمراريته.

ويُعد المؤتمر خطوة هامة نحو تعزيز التعاون الإقليمي، وضمان وصول هذا التراث للأجيال القادمة كجزء من الهوية الثقافية العربية والتاريخ الإنساني المشترك.

copy short url   نسخ
13/01/2025
0