يمر لبنان بواحدة من أسوأ أزماته على الإطلاق، مع هبوط قيمة العملة المحلية مقابل الدولار إلى متوسط «10» آلاف ليرة في السوق الموازية، مقابل «1510» ليرات في السوق الرسمية، فيما أدت أزمة شح النقد الأجنبي إلى ارتفاع أسعار المستهلك فوق «60 %» خلال «2020»، بحسب بيانات رسمية، مع احتمال دخول هذا البلد إلى مرحلة الظلام الدامس لعدم توفر النقد لشراء الوقود اللازم لتوليد الكهرباء.
لقد أدى كل ذلك إلى تفاوت طبقي حاد في لبنان، وهناك اليوم شبه انقراض للطبقة المتوسطة وازدياد للفقر إلى «55 %»، ما أدى إلى تجدد الاحتجاجات الشعبية في العديد من المدن اللبنانية، في حين لا تزال الطبقة السياسية الحاكمة والأحزاب والطوائف المحلية، تتناحر فيما بينها على الحصص في الحكومة المرتقبة منذ أكثر من ستة أشهر.
أدت الأزمة الراهنة، من جملة أمور سلبية أخرى، إلى إقفال ثمانية آلاف مؤسسة صغيرة ومتوسطة منذ يونيو الماضي، وهذا يعني انضمام «25» ألف عامل إلى جيش العاطلين عن العمل، وهو رقم مرشح للارتفاع ما لم يتم التوصل إلى حلول من أبرزها تشكيل الحكومة وأهمها على الإطلاق تشكيل الحكومة من أجل الخروج من المأزق الراهن.
لقد سمعنا وزير الطاقة والمياه اللبناني ريمون غجر، يحذر من خطورة انقطاع التيار الكهربائي عن عموم البلاد، جراء عدم توفر الأموال بالنقد الأجنبي، اللازمة لشراء الوقود الخاص لتوليد الطاقة، وهناك تعثر بأداء المصارف وهذا الأمر ينتظر الخطة الاقتصادية التي ستعمل عليها الحكومة المقبلة، التي يعول عليها أن تبدل النهج السياسي القائم.
وعلى الرغم من بعض الإشارات الإيجابية التي صدرت خلال الأيام القليلة الماضية، إلا أنه لا يوجد حتى اللحظة ما ينبئ بأن التشكيل الحكومي على الطريق الصحيح، فالخلافات مستمرة، والمواقف متشنجة، دون أدنى اعتبار لمصالح الشعب الذي يدفع وحده ثمن هذه الخلافات المستعصية، وهو ثمن باهظ للغاية.
بقلم: رأي الوطن