+ A
A -
جريدة الوطن

قالت وكالة رويترز إن مسودة نهائية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى أُرسلت إلى كل من إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) للموافقة عليها، وفقا لمسؤول مطلع على المفاوضات، في حين وصف وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الصفقة التي يجري التباحث بشأنها حاليا بالكارثة على الأمن القومي لدولة إسرائيل. وأضاف المسؤول، بحسب الوكالة، أنه تم التوصل إلى انفراجة الليلة قبل الماضية، لكن مسؤولا إسرائيليا آخر نفى لوكالة رويترز تلقي إسرائيل مسودة الاتفاق حتى الآن.

وفي الإطار ذاته قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن هناك تقدما في المفاوضات بشأن اتفاق الأسرى، وأنهم يعملون بشكل مكثف لإنجاز الصفقة قريبا، كما نقلت القناة 13 عن مسؤول إسرائيلي قوله إنه «يمكن القول بحذر إننا قريبون من إمكانية إتمام صفقة التبادل».

في المقابل وصف وزير المالية الإسرائيلي صفقة التبادل التي يجري التباحث بشأنها حاليا بالكارثة على الأمن القومي لدولة إسرائيل، وقال إنه لن يكون جزءا مما سماه صفقة استسلام تشمل الإفراج عن كبار الإرهابيين ووقف الحرب وإهدار الإنجازات التي تحققت، على حد قوله.

وذكر سموتريتش أنه حان الوقت لاحتلال القطاع والسيطرة على المساعدات وفتح أبواب الجحيم حتى استسلام حماس وإعادة المختطفين، وفق تعبيره.

وفي هذا الصدد قالت صحيفة «إسرائيل اليوم» إن عائلات المحتجزين الإسرائيليين تواجه سموتريتش في لجنة المالية بالكنيست لمعارضته صفقة التبادل ووصفها بالكارثة.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن جهود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لإقناع سموتريتش بدعم صفقة التبادل باءت بالفشل، وكانت هيئة البث ذكرت في وقت سابق أن نتانياهو خرج بانطباع بأن سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير -اللذين عارضا جميع المقترحات السابقة لإنهاء الحرب- لن يقدما على تفكيك الحكومة إن أبرمت الصفقة.

الإفراج عن 3 آلاف أسير

وفي إطار آخر، كشف رئيس هيئة شؤون الأسرى، قدورة فارس، أن أكثر من 3 آلاف أسير فلسطيني سيفرج عنهم في اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى المرتقب بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، بينهم 200 من المحكوم عليهم بالمؤبد.

وفي تصريحات نشرتها وكالة معا الفلسطينية للأنباء أوضح قدورة أن المرحلة الأولى ستشمل الإفراج عن 25 محتجزا إسرائيليا في قطاع غزة، مقابل تحرير 48 أسيرا من محرري صفقة شاليت وإعادتهم إلى منازلهم، بالإضافة إلى 200 أسير محكوم عليهم بالمؤبد، وألف أسير آخر، بينهم جميع الأطفال والنساء والمرضى في سجون الاحتلال.

وأشار فارس، بحسب الوكالة، إلى أن جميع الفئات المذكورة سيعودون إلى منازلهم في القدس وغزة والضفة الغربية، باستثناء الأسرى المحكوم عليهم بالمؤبد، الذين سيُبعدون على الأرجح إلى 3 دول، وأكد أن هذا الخيار قد يكون اضطراريا وحكيما لتجنب تهديدات الاحتلال باغتيال الأسرى المحررين.

وفي سياق متصل، لفت فارس إلى أن الاحتلال الإسرائيلي أصر على زيادة عدد المحتجزين الإسرائيليين المُفرج عنهم في المرحلة الأولى بإضافة 9 آخرين، بينهم جنود جرحى، مقابل ثمن إضافي يتم التفاوض عليه حاليا، ويتضمن تحرير مزيد من أسرى المؤبدات. وفي تصريحات لوكالة الأناضول قال فارس إن مهمته التأكد من معايير إنجاز صفقة تبادل الأسرى «حتى تكون دقيقة وخالية من الأخطاء»، مؤكدا أنه ليس جزءا من طاقم التفاوض.

مرونة فاجأت إسرائيل

على صعيد آخر، نقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» عن مصدر في حركة حماس، وصفته الصحيفة بالمطلع على مسار المفاوضات، قوله إنهم يقتربون من إعلان اتفاق وقف لإطلاق النار وصفقة لتبادل الأسرى، لكن هذا يتوقف على الرد الإسرائيلي المنتظر، مضيفا أنه في حال عدم اختلاق شروط إسرائيلية جديدة، سيكون الاتفاق جاهزا للإعلان لدى الوسطاء.

ووفقا لما نقلته الصحيفة عن المصدر فإن «حماس قدمت مرونة كبيرة فاجأت الوفد الإسرائيلي عبر الموافقة على تقديم قائمة بأسماء الأسرى الأحياء ضمن المرحلة الأولى، وإضافة 11 أسيرا للقائمة بناء على طلب وشرط إسرائيلي جديد خلال الجولة الحالية من المفاوضات بشأن المرحلة الأولى».

تحول في مسار المفاوضات

وحدث تحول في مسار المفاوضات خلال الأيام الأخيرة، ربطته تقارير أميركية وإسرائيلية بضغوط ترامب على نتانياهو، ودعوته إلى التوصل إلى اتفاق قبل موعد تنصيبه.

وأوردت القناة 12 الإسرائيلية أن ترامب بدأ خلال الأيام الأخيرة التدخل شخصيا في مسألة إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة، وقالت إنه مهتم بتوقيع اتفاق في أقرب وقت ممكن قبل توليه منصبه.

كما نقلت القناة عن مصدر إسرائيلي القول إنه تقرر إرسال رئيسي الموساد والشاباك إلى المفاوضات بعد لقاء المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف مع نتانياهو. وقالت إن كبار أعضاء الوفد الإسرائيلي برئاسة رئيس الموساد يحاولون إنجاز المفاوضات.

وأوردت عن مصادر مطلعة على التفاصيل أن الوسطاء سيحاولون إطلاع الأطراف على «بعض الأخبار» يومي الخميس والجمعة المقبلين. كما نقلت عن مساعدين لترامب أنه، وفي محادثات مع كبار المسؤولين الإسرائيليين، أبدى اهتمامه بالسلام في الشرق الأوسط من أجل التركيز على القضايا الأميركية الداخلية.

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو يسعى لإقناع أعضاء ائتلافه بالصفقة المحتملة.

وقال البيت الأبيض إن بايدن ناقش في اتصال هاتفي مع نتانياهو المفاوضات الجارية «من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن استنادا إلى ما أعلنه الرئيس الأميركي في مايو/‏أيار 2024».

وأضاف أن الرئيس الأميركي أكد لنتنياهو «الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار في غزة وإعادة الرهائن وتعزيز المساعدات الإنسانية التي ستصل نتيجة لوقف القتال بموجب الاتفاق».

وذكر البيت الأبيض أن نتانياهو شكر بايدن على «دعمه الدائم لإسرائيل والدعم الاستثنائي الذي تقدمه الولايات المتحدة لأمن إسرائيل ودفاعها».

تفويض إسرائيلي

من جهته، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان إن نتانياهو أطلع بايدن على التفويض الذي منحه لفريق التفاوض. وأضاف أن رئيس الوزراء أعرب عن شكره للرئيس بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب على تعاونهما في هذه «المهمة المقدسة»، وفقا للبيان.

من جانبه، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إن التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن مقابل وقف إطلاق النار في غزة أصبح وشيكا.

وأشار سوليفان في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» إلى أن مبعوث الرئيس بايدن إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك موجود منذ أكثر من أسبوع لتحقيق ذلك.

وأعرب المسؤول الأميركي عن اعتقاده بإمكانية التوصل إلى اتفاق قبل تنصيب الرئيس ترامب يوم 20 يناير/‏كانون الثاني الجاري.

فجوات باقية

في تلك الأثناء، نقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» عن مصدر أمني أن إسرائيل متمسكة بموقفها بعدم الالتزام بإنهاء الحرب في إطار الاتفاق المحتمل.

وذكرت الصحيفة إن إسرائيل تصر على مطلبها بالبقاء في محور فيلادلفيا خلال مرحلة وقف إطلاق النار.

ونقلت عن مصدر سياسي قوله إن هناك تقدما حيال المفاوضات لكن «لا تزال هناك فجوات».

في السياق نفسه، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنه «لن يكون هناك اتفاق من دون قائمة بأسماء الرهائن الأحياء».

ولطالما أكدت حركة حماس أن أي اتفاق لتبادل الأسرى يجب أن يؤدي إلى وقف كامل للعدوان على غزة، وانسحاب قوات الاحتلال وعودة المهجرين إلى مناطقهم، واتهمت نتانياهو مرارا بالمماطلة في المفاوضات ووضع شروط جديدة لعرقلتها.

وحدث تحول في مسار المفاوضات خلال الأيام الأخيرة، ربطته تقارير أميركية وإسرائيلية بضغوط ترامب على نتانياهو، ودعوته إلى التوصل إلى اتفاق قبل موعد تنصيبه.

ونقل موقع أكسيوس عن مصدر أميركي أن ستيفن ويتكوف مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط يواصل المساعدة في مفاوضات صفقة الرهائن.

وكان ويتكوف قد أجرى مباحثات مع نتانياهو في إسرائيل، ونقل موقع أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي قوله إن المبعوث الأميركي «يقوم بدور حاسم في المفاوضات»، و«يمارس ضغوطا باسم ترامب».

ويدور الحديث، حسب القناة الـ 13 الإسرائيلية، عن صفقة متعددة المراحل تضمن إعادة كل المخطوفين مع تعهد إسرائيل بعدم العودة للقتال مجددا.

مفاوضات صفرية

لكن هذه المقدمات كلها لا تعني قرب التوصل لاتفاق، كما يقول الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن الدكتور حسن منيمنة، وإنما هي محاولة من ترامب لإظهار قوته وهيبته من خلال القول بأنه فعل قبل توليه منصبه رسميا ما لم يفعله جو بايدن في عام كامل.

فقد أكد منيمنة أن المفاوضات الجارية حاليا ليست على هذا النحو من الوضوح الذي تتحدث عنه وسائل الإعلام، وأنها «لا تزال تدور في فلك الضبابية التي تتمسك بها الولايات المتحدة».

وتتمثل هذه الضبابية -برأي منيمنة- في أن إدارة ترامب لا تتحدث عن اتفاق يضمن تعهدا واضحا بوقف الحرب لأنها تعرف أن هذا يعني هزيمة إسرائيل وانتصار حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

في المقابل، فإن أي اتفاق لا يتضمن وقفا واضحا للحرب يعني هزيمةً لحماس، ومن ثم فإن واشنطن لا تزال تمارس الطريقة نفسها التي مارستها خلال عام كامل من المفاوضات الصفرية، كما يقول منيمنة.

وإلى جانب ذلك، يضيف المتحدث، فإن الولايات المتحدة لا تملك رؤية لليوم التالي للحرب في قطاع غزة وهي تتشارك مع إسرائيل في السعي لمنع أي حكم ذاتي أو استقلال سياسي لأي فئة فلسطينية سواء في غزة أو الضفة الغربية.

وحتى لو تم وقف الحرب، فإن ترامب ملتزم بكل ما تريده إسرائيل من تذويب للفلسطينيين وتوسيع للتطبيع، وأقصى ما يمكنه تقديمه هو إعادة إعمار محدود لقطاع غزة مع تسهيل تهجير السكان تحت حجج إنسانية، برأي الباحث في معهد الشرق الأوسط.

copy short url   نسخ
14/01/2025
0