الغدة الدرقية هي نسيج صغير لا يتجاوز وزنه الـ25 غم في البالغين وتأخذ شكل الفراشة في مقدمة الرقبة، تلعب دورا أساسيا في تنظيم عمليات التمثيل الغذائي من خلال إفراز هرمونات الثيروكسين (T4) وثلاثي يودوثيرونين (T3).

والتي تحافظ على صحة الجهاز الهضمي وكفاءة العضلات وسلامة العظام ونمو الطفل وجهازه العصبي وتساعد في تنظيم حرارة الجسم وتحافظ على الحالة النفسية، وقد تتعرض هذه الغدة لمجموعة من الاضطرابات التي تؤثر على صحتها ووظائفها. لتبسيط فهم أنواع اعتلالات الغدة الدرقية سنفرد لها 4 أنواع أساسية: غدة نشطة - غدة خاملة - غدة متضخمة - غدة ملتهبة.

وتقول الدكتورة طيبة سلوان كمال عبود أخصائية طب الأسرة في مركز الثمامة الصحي التابع لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية: أبدأ سردي لهذا الموضوع الهام مع فرط نشاط الغدة الدرقية، أي زيادة إفرازها لكمية الهرمون ما يؤدي إلى تسارع عملية التمثيل الغذائي، وزيادة في ضربات القلب مع سرعة الاستثارة العصبية، وفقدان الوزن وعدم احتمال الجو الحار مقارنة بما سبق هذا الاعتلال. ومن العوارض أيضا اضطراب الدورة الشهرية عند النساء والإصابة بالإسهال، وكذلك الشعور بالإرهاق مع جفاف الجلد وتساقط الشعر، ومن أشهر أسباب نشاط الغدة الدرقية وهو يعرف بما يسمى المرض المناعي الذاتي (غريفز-Graves)، من خلال وجود عقيدات درقية نشطة تتسبب في التهاب الغدة الدرقية الحاد أو تحت الحاد.

وتضيف الدكتورة طيبة سلوان: أما عن نقيضه فهنا أشرح قصور الغدة الدرقية أو كسلها، ويتمثل في نقص إفراز الهرمونات، ما يؤدي إلى تباطؤ التمثيل الغذائي مصاحبا بتباطؤ في ضربات القلب وبطء الاستجابة العصبية مع زيادة في الوزن وعدم احتمال الجو البارد مقارنة بما سبق هذا الاعتلال، إضافة إلى اضطراب الدورة الشهرية عند النساء والإمساك. والأسباب الشائعة تشمل التهاب الغدة الدرقية المناعي (مرض هاشي موتو). نقص اليود في الغذاء ويمكن التشافي منه بالعلاج الإشعاعي أو استئصال الغدة جراحيا.

ولا ننسى أن الغدة وكأي نسيج في الجسم معرضة للالتهابات والتي قد تكون حادة نتيجة عدوى بكتيرية أو أقل حدة وسببها عدوى فيروسية، والكثير منا لاحظ على نفسه أو على غيره انتفاخاً في الرقبة يعزى جزء منها إلى تضخم عقيدات وأورام في الغدة الدرقية والتي في معظمها تكون حميدة، وبدورها قد تؤدي إلى صعوبة في البلع أو التنفس إذا كان الحجم كبيرا.

ولتشخيص اعتلالات الغدة الدرقية لا بد من تشكيل صورة كاملة عن شكل الغدة ووظيفتها عن طريق إفادة طبيب الأسرة بالتاريخ الطبي من الأعراض والعوامل الوراثية وإجراء الفحص السريري المختص بالرقبة للتحقق من وجود تضخم أو عقيدات ومن ثم إجراء التحاليل المخبرية في حال احتياج الشخص سواء كانت قياس مستويات الهرمونات الدرقية أو T4 والهرمون المحفز للغدة الدرقية TSH، الأجسام المضادة لتشخيص الأمراض المناعية في بعض الأحيان، ومن هنا يستطيع الطبيب إجراء اختبارات التصوير كالموجات فوق الصوتية لتقييم حجم وشكل الغدة، أو الإحالة إلى الطبيب المختص بأمراض الغدد لإجراء إجراءات أكثر تعقيدا كالمسح النووي باستخدام اليود المشع لتحديد النشاط الوظيفي.

وتضيف الدكتورة طيبة: انطلاقاً مما سبق قد يلجأ المختص لإجراء الخزعة وهي أخذ عينة من العقيدات باستخدام إبرة دقيقة لتحديد طبيعتها في حالات إزالة الشبهة عن النسيج إذا كانت التقارير التصويرية تستلزم ذلك، أما عن العلاج فيعتمد على نوع الاعتلال، فعلى سبيل المثال خيارات علاج فرط نشاط الغدة هي الأدوية المضادة للغدة، أو اليود المشع أو الجراحة في الحالات الشديدة.

أما لقصور الغدة يمكن تعويض الهرمونات المفقودة باستخدام دواء الليفوثيروكسين والذي يجب تناوله على معدة فارغة مع الماء وتجنب تناول الطعام بعده بما لا يقل عن النصف ساعة لضمان أخذ الكمية المعالجة منه قبل تلفها بعمليات الهضم المعقدة، وأما التهاب الغدة فقد نلجأ إلى المضادات الحيوية أو الأدوية المضادة للالتهابات حسب السبب.