لا أحد يتصل بي أنا الآن أجهز خطاب النصر، إنه مليء بالأحرف المكسورة، وكثيرا من الخيبات المجرورة، لا يوجد فيه ضمة واحدة، فلا أحد ضم هذا الشعب، أما الفتحات فكانت في سين السابع، وكانت في الخيم البالية، لكن فيها أحرفا مرفوعة كالهامات الشهيدة، والأعلام المرفرفة، لكنه أيضا مليء بالنصب، والأحرف المنصوبة، كما نصب علينا تجار السياسة الدولية، ونصب علينا لصوص المدينة حين اعتقدنا انهم يحرسوننا في الحرب، ونصب علينا تجار السوق، وتجار الدم، ونصب علينا أباطرة نسبة الصراف الآلي، وغيرهم من النصابين.
في خطابي هذا أنا لست فاعلا أنا مفعول به، في الحرب مفعول به وفي السلم مفعول به، في اطلاق النار مفعول به وفي الهدنة مفعول به، أنا فقط فاعل حين يطلبوا مني إعمار نفسي وأرمم الكلمات من جديد وأبحث عن الجمل والجثث المبعثرة، لأدفنها في مكانها الصحيح، خطاب النصر لم يعد بالنسبة لي خبر لأني لم أعرف المبتدأ، فالخبر هو اعلان الهدنة، والمبتدأ 50 ألف شهيد، وحرب 400 يوم لا يوجد فيها سكون سوى في راء الحرب، لكني مازلت منتصرا لا أعرف كيف لكني منتصر، رغم كثرة الكلمات التي تحتوي على الشَّدَّة، إنها بحجم شدات النزوح، والقصف، والبرد، والحرق، صحيح انه ليس لدي خيمة، ولا شارع يؤدي للمستشفى، ولا مستشفى تؤدي للمقبرة، ولا مقبرة تؤدي إلى الحياة الأبدية، لكني منتصر، لا أعتقد بعد خطابي هناك أحرف مرفوعة، فلا شيء يرفعها سوى رافعات الركام، بعد هذا الخطاب خرجنا جميعا أكثر اختلافا، من السجع والجناس، ولم نتفق إلا على وقف النار لا وقف الحرب.