+ A
A -
دخلَ جماعة من الأعراب على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وعنده سبطه الحسنُ بن علي، فقبَّله النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فسألَه الأعرابُ مستغربين،: أَتُقَبِّلونَ صِبيانكم؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم
قالوا: كلنَّا واللهِ ما نُقبِّل!
فقال لهم: أَوَ أَمْلِك إن كان الله نزعَ من قلوبكم الرَّحمة؟!
بعض الآباء فيهم من الجفاء ما يُشعرك أن قلوبهم من صخرٍ وليست من لحمٍ ودمٍ تنبضُ كما قلوب الناس! وبعضهم على النقيض من هذا، حنون مُحِبٌّ، ولكنه يعتقدُ أن إظهار هذا الحنان وهذا الحُب إنما هو منافٍ للرجولة، وصورة من صور ضعف الشخصية!
ولستُ أدري من أين أتى هؤلاء بهذا المفهوم، ولا من أين استقوه.
كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم أكثر الناس رجولة ولم يمنعه هذا من إظهار حنانه، يقول أنس بن مالك: ما رأيتُ أحداً كان أرحمَ بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان ابنه إبراهيم رضيعاً عند مرضعة في أحياء المدينة، فكان ينطلقُ ونحنُ معه، فيدخل فيقبله ثم يرجع.
مشاعرك هي التي سيتذكرها أبناؤكَ منكَ ولا شيء غير هذا..
إنهم لن يتذكروا الأثاث الفاخر الذي زيَّنتَ به منزلكَ، ولا السيارة الفارهة التي جعلتهم يستقلونها، ولا الطعام الشهي الذي ملأتَ به أمعاءهم، ولا الأَسِرَّة الفارهة التي جعلتهم ينامون فيها..
سأخبركَ ما سيتذكره أبناؤك إلى الأبد..
سيتذكرون الكتف الذي استندوا عليه حين كسرتهم الحياة، والحضن الذي وجده الابن حين فشل في امتحان..
والحضن الذي وجدته البنت عندما فشلت في خطوبتها..
سيتذكرون كلماتك الدافئة وابتسامتك، سيتذكرون لحظاتك الحانية وأنتَ تربتُ على قلوبهم..
سيتذكرون حكايا ما قبل النوم، ووجبة الطعام المتأخرة التي كسرتَ لأجلها ولأجلهم قواعد البيت..
سيتذكرون كلامك عنهم أمام الناس، مديحاً أو تهكماً، هذه الأشياء لا تُنسى..
سيتذكرون هدايا النجاح، ومفاجآت المناسبات السَّعيدة، والرّحلات العائلية، والابتسامات التي رسمتها على وجوههم..
هذه الأشياء وحدها تبقى.. فإن ضيّعتها فلن يشفع لكَ عندهم ما فعلتَ بعدها..
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
21/03/2021
2024