دخل الحسنُ والحسين رضي الله عنهما المسجد، فشاهدا رجلاً كبيراً في السِّن لا يُحسن الوضوء، ولأنهما تربيا في بيت النُّبوة، كانا يفيضان أدباً وحكمة، فخجلا لفارق السِّن بينهما وبين الرجل أن يخبراه أنه لا يعرف كيف يتوضأ! فعمدا إلى الذكاء والحيلة فقالا له: يا عم قد اختصمنا أينا أحسنُ وضوءاً، فأردنا أن نحتكم إليكَ لترى من منا أحسنُ وضوءاً من صاحبه!
فتقدَّم الحسنُ فتوضأ وضوءاً نبوياً كاملاً، أسبغه ولم يترك شيئاً من سُننه إلا فعله. ثم تقدَّم الحُسين فتوضأ كما علّمه جده عليه الصلاة والسّلام، ثم التفتا إلى الرَّجل ينتظران منه الحكم.
فقال: واللهِ كلاكما يتوضأ أحسنُ مني!
درسٌ عظيم في الخُلق الرَّفيع من غلامين كانا بضعة من نبي! مفاده أنَّ الأدب مقدم على العلم، وأن الأسلوب أولاً وأخيراً، فمهما كان الإنسان على صواب فإن هذا لا يغنيه عن جمال الأسلوب.
ومن أدب النبوة أخذ عمر بن الخطاب كثيراً، فقد خرج ذات ليلة رفقة خادمه أَسْلَم يتفقدُ الناس، فرأى ناراً من بعيد، فقال: يا أسلم إني أرى ها هنا ركباً قصر بهم الليل والبرد، فانطلِقْ بنا، فإذا هناك امرأة معها صبيةٌ صغار، وقدر منصوبة على نار وحولها أولاد جوعى.
فقال عمر: السلام عليكم يا أهل الضوء، وكره أن يقول يا أهل النار!
فقالت المرأة: وعليك السلام
فقال: أدنو؟
فقالتْ: أُدنُ بخير
فقال لها: ما بال أولادك
قالت: الجوع، وهذا ماء في القدر أسكتهم به حتى يناموا، والله بيننا وبين عمر!
فقال: وما يدري عمر بكم؟
فقالتْ: يتولى أمرنا ويغفل عنّا؟!
فعاد مسرعاً إلى بيت المال، وأخذ دقيقاً وسمناً، وأراد أن يحمل الكيس على ظهره، فقال له أسلم: أنا أحمله عنك يا أمير المؤمنين..
فقال له: أحمله عليَّ، أأنتَ تحمل عني وزري يوم القيامة!
فحمله، وذهب إلى المرأة، وطبخ لها، وأطعم صغارها، ثم ابتعد، وبقيَ يراقبهم، والبرد يأخد منه، وخادمه أسلم يقول: هيا يا أمير المؤمنين فيقول له: أبداً، حتى أراهم يضحكون كما رأيتهم يبكون..
وكان مما قالت المرأة له بعد أن أطعم أولادها: واللهِ أنتَ أحق بالخلافة من عمر بن الخطاب!
فطلبَ منها أن تأتي دار الإمارة في الغد فسيكلم لها عمر!
فلما جاءت وعرفت أنه عمر، خشيت على نفسها، فهدَّأ من روعها وأخبرها أنه يريدُ أن يشتري منها مظلمتها، فوضع لها ثلاثة آلاف درهم!
يعنينا من هذا كله لفظة واحدة هي: يا أهل الضوء!
لقد كره أن يقول يا أهل النار، لقد اختار أجمل مفردة، فاختاروا مفرداتكم يرحمكم الله، فكل إناء بما فيه ينضح!بقلم: أدهم شرقاوي
فتقدَّم الحسنُ فتوضأ وضوءاً نبوياً كاملاً، أسبغه ولم يترك شيئاً من سُننه إلا فعله. ثم تقدَّم الحُسين فتوضأ كما علّمه جده عليه الصلاة والسّلام، ثم التفتا إلى الرَّجل ينتظران منه الحكم.
فقال: واللهِ كلاكما يتوضأ أحسنُ مني!
درسٌ عظيم في الخُلق الرَّفيع من غلامين كانا بضعة من نبي! مفاده أنَّ الأدب مقدم على العلم، وأن الأسلوب أولاً وأخيراً، فمهما كان الإنسان على صواب فإن هذا لا يغنيه عن جمال الأسلوب.
ومن أدب النبوة أخذ عمر بن الخطاب كثيراً، فقد خرج ذات ليلة رفقة خادمه أَسْلَم يتفقدُ الناس، فرأى ناراً من بعيد، فقال: يا أسلم إني أرى ها هنا ركباً قصر بهم الليل والبرد، فانطلِقْ بنا، فإذا هناك امرأة معها صبيةٌ صغار، وقدر منصوبة على نار وحولها أولاد جوعى.
فقال عمر: السلام عليكم يا أهل الضوء، وكره أن يقول يا أهل النار!
فقالت المرأة: وعليك السلام
فقال: أدنو؟
فقالتْ: أُدنُ بخير
فقال لها: ما بال أولادك
قالت: الجوع، وهذا ماء في القدر أسكتهم به حتى يناموا، والله بيننا وبين عمر!
فقال: وما يدري عمر بكم؟
فقالتْ: يتولى أمرنا ويغفل عنّا؟!
فعاد مسرعاً إلى بيت المال، وأخذ دقيقاً وسمناً، وأراد أن يحمل الكيس على ظهره، فقال له أسلم: أنا أحمله عنك يا أمير المؤمنين..
فقال له: أحمله عليَّ، أأنتَ تحمل عني وزري يوم القيامة!
فحمله، وذهب إلى المرأة، وطبخ لها، وأطعم صغارها، ثم ابتعد، وبقيَ يراقبهم، والبرد يأخد منه، وخادمه أسلم يقول: هيا يا أمير المؤمنين فيقول له: أبداً، حتى أراهم يضحكون كما رأيتهم يبكون..
وكان مما قالت المرأة له بعد أن أطعم أولادها: واللهِ أنتَ أحق بالخلافة من عمر بن الخطاب!
فطلبَ منها أن تأتي دار الإمارة في الغد فسيكلم لها عمر!
فلما جاءت وعرفت أنه عمر، خشيت على نفسها، فهدَّأ من روعها وأخبرها أنه يريدُ أن يشتري منها مظلمتها، فوضع لها ثلاثة آلاف درهم!
يعنينا من هذا كله لفظة واحدة هي: يا أهل الضوء!
لقد كره أن يقول يا أهل النار، لقد اختار أجمل مفردة، فاختاروا مفرداتكم يرحمكم الله، فكل إناء بما فيه ينضح!بقلم: أدهم شرقاوي