إن تأسيس عادات صحية للفم والأسنان منذ سن مبكرة هو أمر أساسي، ويصبح أكثر أهمية بالنسبة للأطفال من ذوي الهمم. وفي هذا الإطار نظم قسم صحة الفم والأسنان الوقائية والتعزيزية بمؤسسة الرعاية الصحية الأولية برنامجًا مخصصًا لأولياء الأمور والأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة. وتم تنظيم البرنامج على شكل جلستين: صباحية ومسائية.
وبما أن أولياء أمور الأطفال من ذوي الهمم غالباً ما يواجهون تحديات فريدة تتعلق بصحة أسنان ولثة أطفالهم، مثل رفض الأطفال لتنظيف الأسنان، أو الحساسية اتجاه طعم معجون الأسنان؛ لذلك فهم بحاجة إلى استراتيجيات خاصة للتعامل مع هذه الحالات. قد يتضمن ذلك استخدام معاجين أسنان ذات نكهات محايدة أو خالية من الطعم، بالإضافة إلى تقنيات تحفيزية لجعل عملية التنظيف ممتعة للأطفال، مثل استخدام فرش أسنان ملونة أو تصميم ألعاب تعليمية تدمج العناية بالأسنان. ومن المهم أيضاً تقديم التوعية المناسبة للأهالي حول أهمية الحفاظ على صحة الفم والأسنان في هذه الفئة، وتشجيعهم على زيارة طبيب الأسنان بشكل منتظم لضمان الوقاية من التسوس والمشاكل الأخرى. ولهذا كان لابد من تنظيم عمل البرنامج على فترتين صباحية ومسائية، بدأت بمحاضرة تعليمية قدمها طبيب أسنان و/أو أخصائي صحة الفم تضمنت استراتيجيات عملية قائمة على الأدلة العلمية لمساعدة أولياء الأمور في التعامل مع التحديات السلوكية لأطفالهم، بالإضافة إلى نصائح لتجاوز العوائق التي قد تؤثر على روتين نظافة الفم. كما سلطت المحاضرات الضوء على أهمية النظام الغذائي الصحي للأسنان، وضرورة العلاجات الوقائية، وإجراء الفحوصات الدورية للأسنان، ثم تم توزيع مطويات توعوية على أولياء الأمور.
وأكدت الدكتورة نجاة اليافعي، مديرة إدارة صحة الفم والأسنان الوقائية والتعزيزية، أهمية تزويد أولياء الأمور بالمعرفة والمهارات اللازمة للتغلب على هذه التحديات. وقالت: «لقد أظهرت دراستنا العلمية التي أجريناها عام 2020 أن أولياء الأمور في قطر يمتلكون عموماً معرفة جيدة بصحة الفم وموقفاً إيجابياً، إلا أن سلوكياتهم تحتاج في بعض الأحيان إلى مزيد من الدعم لضمان الرعاية الفموية المنتظمة لأطفالهم».
وتضمن البرنامج جلسات استشارية فردية، حيث أتيحت الفرصة لأولياء الأمور للتحدث بشكل خاص مع الكادر الطبي للأسنان وطرح أسئلتهم حول احتياجات أطفالهم في مجال صحة الفم. ثم تلقى أولياء الأمور خلال هذه الجلسات، نصائح مخصصة تشمل توصيات باستخدام أدوات مساعدة على نظافة الفم، مثل فرش الأسنان الكهربائية وغسول الفم، وتقنيات تشجيع الأطفال على الالتزام بروتين العناية بالفم بشكل منتظم.
وأشارت الدكتورة اليافعي إلى أن المستوى التعليمي يلعب دوراً حاسماً في تشكيل نهج أولياء الأمور اتجاه صحة فم أطفالهم، وهو يتماشى مع نتائج بحثنا العلمي لعام 2020، والتي أظهرت أن أولياء الأمور ذوي المستويات التعليمية العليا يمتلكون معرفة أفضل بشكل ملحوظ وكانوا أكثر ميلاً للالتزام بسلوكيات صحية إيجابية. وأضافت الدكتورة نجاة إلى أنه: «يجب أن نأخذ بعين الاعتبار المستوى التعليمي عند تصميم البرامج المستقبلية لسد الفجوات».
وتبع المحاضرات إجراء فحوصات فموية للأطفال باستخدام وحدتين متنقلتين للأسنان، حيث تم فحص 56 طفلاً من ذوي الهمم. وضمت فرق العمل ثلاثة أخصائيين من صحة الفم والأسنان، و2 من مساعدي الأسنان، وحرص الفريق على توفير أجواء مريحة للأطفال خلال الفحص، مع مراعاة احتياجاتهم الجسدية، والحسية، والمعرفية، والعاطفية. وأوضحت الدكتورة نجاة أن النهج الشخصي الذي اتبعه الفريق ساهم في بناء الثقة، قائلة: «تخصيص الرعاية لتلبية احتياجات كل طفل بشكل فردي يحسن بشكل كبير من تجربتهم ونتائجهم.» ونحن بدورنا نحرص على تجهيز الكادر الطبي للأسنان بالمحاضرات والأدوات التي يحتاجونها مع التوجيه حسب الحالات.
كما أظهرت دراستنا العلمية في عام 2020 أن الأمهات يمثلن 83 % من مقدمي الرعاية الرئيسيين للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في قطر، مما يشير إلى الحاجة إلى برامج تدريبية تستهدفهن بشكل خاص. وقد انعكست هذه الرؤية في تصميم البرنامج، حيث تم التركيز على تمكين الأمهات لمواجهة التحديات اليومية المتعلقة بالرعاية الفموية.
وقد حقق البرنامج تأثيراً إيجابياً ملحوظاً، حيث غادر أولياء الأمور ولديهم فهم أعمق لطرق العناية بنظافة الفم والطريقة الصحيحة لتنظيف الأسنان.