رأى محللون إسرائيليون أن تل أبيب اضطرت إلى دفع «ثمن باهظ لا مفر منه» في صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة. واستذكر المحللون تصريحات سابقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، رفض فيها الاتفاق بداعي رفض الانسحاب من محور فيلادلفيا الحدودي بين قطاع غزة ومصر، رغم أن الاتفاق ينص على الانسحاب الإسرائيلي منه. وأشار المحللون إلى أن قبول نتانياهو للاتفاق الذي سبق أن رفضه، هو نتاج ضغط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب. وعلى مدار الأسابيع الماضية، كثف الوسطاء جهودهم لعقد لقاءات غير مباشرة بين «حماس» وإسرائيل، ما أدى إلى «تحقيق تقدم كبير في المفاوضات»، حيث أصبحت تفاصيل الصفقة شبه مكتملة بنسبة 90 بالمائة، بحسب ما نقلته وسائل إعلام عبرية.
واعتبر المحلل العسكري بصحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل، الثلاثاء، أن «إسرائيل ستضطر إلى دفع ثمن باهظ ولكن لا مفر منه لصفقة إطلاق سراح الرهائن»، التي تم إبرامها.
وقال: «مفاوضات صفقة الرهائن تمت تحت ضغط أميركي شديد». وأضاف: «أن العامل الحاسم هو تأثير ترامب.. يتمتع الرئيس القادم بنفوذ أكبر بكثير على نتانياهو مقارنة بالرئيس المنتهية ولايته جو بايدن». وتابع: «وكان أفضل مثال على نفوذ ترامب هو اجتماع صباح السبت غير المعتاد الذي استضاف فيه رئيس الوزراء مبعوث الرئيس (الأميركي) القادم الخاص إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف». وأردف: «أوضح المبعوث لمضيفه بعبارات لا لبس فيها أن ترامب يتوقع منه الموافقة على صفقة.. اختفت فجأة أشياء أطلق عليها نتانياهو قضايا حياة أو موت، هل لا يزال أحد يتذكر أساس وجودنا، ممر فيلادلفيا؟».
وكان نتانياهو برر في الماضي رفضه الاتفاق برفض الانسحاب من ممر فيلادلفيا على الحدود بين قطاع غزة ومصر، ولكن الاتفاق ينص على انسحاب إسرائيل من الممر وإن كان تدريجيا.
كما أشار نتانياهو إلى أن لا نهاية للحرب قبل هزيمة «حماس».
غير أن هارئيل قال: «لا شك أن الاستمرار في ضرب حماس له قيمة كبيرة، ولكن حماس لم تُهزم بعد، والنصر الكامل لن ينتظرها في الأفق القريب. والواقع أن ادعاء نتانياهو بأن الضغط العسكري وحده سيؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن ــ وهو الادعاء الذي أيده في بعض الأحيان كبار قادة الجيش الإسرائيلي ــ أثبت أنه لا أساس له من الصحة».
من جهته، أشار المحلل بصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية يوسي يهوشع إلى أنه «في الواقع، تدفع إسرائيل ثمنا يستحق صفقة كاملة، وليس صفقة جزئية».وقال الثلاثاء: «ليست هناك حاجة لتجميل الواقع.. الاتفاق الناشئ لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المختطفين سيئ لإسرائيل، لكن ليس أمامها خيار سوى القبول به».
وتساءل ردا على الادعاءات بأن الاتفاق يسمح لإسرائيل بالعودة للحرب: «إذا كان الاتفاق يسمح بعودة السكان (الفلسطينيين) إلى شمال قطاع غزة، فكيف ستضمن إسرائيل بالضبط القدرة على العودة إلى القتال إذا قررت حماس عدم الاستمرار في الاتفاق؟ ستكون الأسعار أعلى بعدة مرات مما دفعناه حتى الآن». وأضاف: «بالمناسبة، يبدو الانسحاب من محور فيلادلفيا الذي كان حتى بضعة أشهر مضت حجر الأساس لوجودنا وفقا لرئيس الوزراء، أقل خطورة».
وتابع: «من ناحية أخرى، فإن إغراق المنطقة بالسكان المدنيين سيحول استئناف القتال إلى كابوس».
وأشار إلى أنه «هكذا، بعد 15 شهرا من بداية الحرب، لم ينجح الجيش فعليا في إسقاط الجناح العسكري لحماس، وهو مسؤوليته، ومن ناحية أخرى، لم يتحرك المستوى السياسي لتشكيل حكومة بديلة في غزة».
وقال يهوشع: «وهكذا نحصل على اتفاق ندفع فيه ثمنا باهظا، كان من المفترض أن ندفعه مقابل صفقة كاملة وليس لصفقة جزئية، وبعد ذلك ستختفي أدوات الضغط التي كان من المفترض أن تضمن المراحل التالية».
وكما غيره من المحللين الإسرائيليين، فقد أشار المحلل بصحيفة «معاريف» بن كسبيت إلى أن الاتفاق تم بسبب ضغط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب. وقال: «خطة إطلاق سراح الرهائن التي من المفترض أن تصل إليها إسرائيل وحماس هي نتيجة تهديدات صريحة من الرئيس الأميركي القادم دونالد ترامب، وينطبق الشيء نفسه على الإشارات الصريحة التي تشير إلى النهاية الوشيكة للحرب في شكلها الحالي».
وفي إشارة إلى تهديدات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بالانسحاب من الحكومة حال توقيع الاتفاق، قال بن كسبيت: «قام نتانياهو بحساباته. مع بن غفير سوف يتعايش، أما مع ترامب فسيكون الأمر أكثر صعوبة».
وأضاف: «لذلك في الوقت الحالي، اتضح أن ترامب أكثر رعبا من بن غفير و(وزير المالية بتسلئيل) سموتريتش، ولهذا السبب بذل نتانياهو جهدا كبيرا بالأمس لشرح ذلك لهم». وتابع: «مع سموتريتش، وجد (نتانياهو) الاستماع، الرجل يعتمد على ضم الضفة الغربية في عام 2025، ولن يحدث ذلك بدون ترامب».
وعن رفض نتانياهو سابقا للاتفاق بسبب تضمنه انسحابا من محور فيلادلفيا، تساءل بن كسبيت: «وماذا عن فيلادلفيا؟ هل يمكن أن يكونوا قد وضعوا فيلادلفيا في السجل العقاري باسمنا؟».