مُقبلون على صفقة «التهدئة» بعد مشوار من العذاب والوجع والقتل والتدمير من قبل المستعمرة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حصيلة صعبة قاسية، وتجربة مريرة غير مسبوقة تعرض لها الفلسطينيون، حتى أيام النكبة والتشرد عام 1948، حصيلتها أن الفلسطينيين صمدوا، ولم يكن لهم خيار آخر، والمقاومة كذلك، بعد أن دفعت الثمن الباهظ.
الفلسطينيون صمدوا، ولكنهم لم ينتصروا، إلا إذا تباهى البعض وغالى، ووصف البقاء والصمود على أنه انتصار، وهو كذلك، إذا أدركنا مخطط الائتلاف الذي يقود حكومة المستعمرة.
بقاء الشعب الفلسطيني وصموده نعم انتصار، وهو إحباط لمجمل المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي القائم على مفردتين: 1- الأرض، 2- البشر، تمكنوا من احتلال كامل خريطة فلسطين، ولكنهم فشلوا استراتيجياً من طرد كل الشعب الفلسطيني، حيث أكثر من سبعة ملايين عربي فلسطيني بقوا على كامل خريطة فلسطين، وهي حصيلة تحول وتمنع قيام «دولة يهودية» في وعلى فلسطين.
والمعركة سجال، لن تتوقف استراتيجياً، ولكنها محطة من محطات المواجهة، بين المشروعين المتناقضين: المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.
لم يكن نتانياهو يرغب في وقف إطلاق النار، وإنهاء حربه على قطاع غزة، لأنه لم يحقق كامل برنامجه، ولكن ترامب أرغمه على ذلك، لأنه يريد الوصول إلى البيت الأبيض والطاولة نظيفة من المنغصات والحروب.
الصراع السياسي بعد صفقة التهدئة ووقف إطلاق النار والنتائج المتوقعة، لن تكون أقل سوءاً من الحرب الدامية المتوحشة ضد الفلسطينيين، والأسوأ أن يخوض الفلسطينيون معركتهم السياسية منقسمين، وهم بذلك يواصلون تقديم خدمتهم المجانية لعدوهم المتربص الذي لا يرحم.الدستور الأردنية