+ A
A -
محمد هنيد
أستاذ مشارك بجامعة السوربون شهدت مقولة حقوق الإنسان طفرة نوعية منذ نهايات القرن الماضي حتى تحولت تيارا سياسيا وفكريا يستقطب عددا كبيرا من الناشطين حول العالم.
المقولة قديمة نسبيا وعرفت وجودها الرسمي مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عقب الحرب العالمية الثانية وتحديدا سنة 1948 في باريس وهو الإعلان الذي أعطاها زخما قانونيا دوليا بعد إقرارها وتبنيها من قبل الأمم المتحدة. رغم أنّ هذا الإعلان يبقى كغيره من النصوص حبرا على ورق، تطورت مقولة حقوق الإنسان كما تطورت التيارات الفكرية والاتجاهات الايديولوجية وأصبح لها مريدوها وأتباعها ومنظماتها ومعاهدها ومواثيقها عبر العالم. لكنّ اللافت في هذا التيار الفكري والحقوقي الجديد أنه اتخذ في البلاد العربية صبغة خاصة بسبب طبيعة المجتمعات وطبيعة الأنظمة السياسية هناك، يمكن القول دون مجازفة أنّ معظم البلاد العربية هي الأشد انتهاكا لحقوق الإنسان عبر العالم، لكنها رغم ذلك فهي الأكثر استهلاكا لهذا الشعار بمختلف تشكيلاته وتمظهراته.
حقوق الإنسان عربيا
إن أوّل الأسئلة التي تُطرح في هذا السياق هو كيف يمكن الحديث عن حقوق الإنسان في محيط محكوم في أغلبه بأنظمة استبدادية قائمة على القمع وسلب الحريات وانتهاك حقوق الإنسان؟ من جهة مقابلة يمكن القول كذلك بأنّ مجالات الممارسة السياسة تختلف في الإقليم، وهو ما يجعل من مقولة حقوق الإنسان مقولة سياقية تختلف ولو نسبيا باختلاف السياق الذي تُطبّق فيه.
على المستوى السياسي وسواء كان النظام عسكريا أو أمنيا أو جمهوريا بحلّة عسكرية فإنّ منظومة الحكم العربية تقوم على إلغاء أهم حقوق الإنسان شرط أن يبقى النظام قائما، لكن لسائل أن يسأل هل أنّ حقوق الإنسان العربي تختلف عنها في بقية دول العالم ؟ الجواب طبعا لا فالحقوق كونية في خطوطها الأساسية، لكنها قد تتنزل في سياق ثقافي يمنحها شيئا من الخصوصية حسب طبيعة البلد ولمّا كانت المنطقة العربية منطقة موحّدة ثقافيا فإن طبيعة المطالب الحقوقية بها تكاد تكون نفسها. لكن من جهة أخرى قامت المنطقة في تصورها للمسألة الحقوقية على محورين: يتمثل الأول في منظومة المقولات الإسلامية التي صاغت الأسس الأولى لتصوّر الفكر العربي الجمعي مقولةَ الحريات والحقوق، فقد صاغ التشريع الإسلامي الذي هو المصدر الأساسي للقوانين في عدد من الدول منظومة من القيم التي تحدد مفهوم الحريات، وتأسست على مبدأ المساواة وعلى مبدأ العدل وهو المبدأ الذي يشكل محور منظومة القيم الإسلامية. أما المحور الثاني فهو المحور المدني الذي نهضت بتأسيسه فكرة الدولة المدنية وفكرة الدساتير والتشريعات الوضعية بمختلف صورها وأنماطها، فعلى المستوى النظري لم تختلف هذه النصوص والتشريعات عن مثيلاتها في الدول الغربية والأنظمة الديمقراطية لكنها لم تعرف طريقها إلى التطبيق يوما.
إنّ تغوّل السلطة التنفيذية على حساب السلطتين التشريعية والقضائية وهيمنة السياسي على كل مجالات الفرد والجماعة من الاقتصاد إلى المجتمع إلى الثقافة، هو الذي منع من تمكين المواطن العربي من الحدّ الأدنى من حقوقه المدنية والسياسية.
أستاذ مشارك بجامعة السوربون شهدت مقولة حقوق الإنسان طفرة نوعية منذ نهايات القرن الماضي حتى تحولت تيارا سياسيا وفكريا يستقطب عددا كبيرا من الناشطين حول العالم.
المقولة قديمة نسبيا وعرفت وجودها الرسمي مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عقب الحرب العالمية الثانية وتحديدا سنة 1948 في باريس وهو الإعلان الذي أعطاها زخما قانونيا دوليا بعد إقرارها وتبنيها من قبل الأمم المتحدة. رغم أنّ هذا الإعلان يبقى كغيره من النصوص حبرا على ورق، تطورت مقولة حقوق الإنسان كما تطورت التيارات الفكرية والاتجاهات الايديولوجية وأصبح لها مريدوها وأتباعها ومنظماتها ومعاهدها ومواثيقها عبر العالم. لكنّ اللافت في هذا التيار الفكري والحقوقي الجديد أنه اتخذ في البلاد العربية صبغة خاصة بسبب طبيعة المجتمعات وطبيعة الأنظمة السياسية هناك، يمكن القول دون مجازفة أنّ معظم البلاد العربية هي الأشد انتهاكا لحقوق الإنسان عبر العالم، لكنها رغم ذلك فهي الأكثر استهلاكا لهذا الشعار بمختلف تشكيلاته وتمظهراته.
حقوق الإنسان عربيا
إن أوّل الأسئلة التي تُطرح في هذا السياق هو كيف يمكن الحديث عن حقوق الإنسان في محيط محكوم في أغلبه بأنظمة استبدادية قائمة على القمع وسلب الحريات وانتهاك حقوق الإنسان؟ من جهة مقابلة يمكن القول كذلك بأنّ مجالات الممارسة السياسة تختلف في الإقليم، وهو ما يجعل من مقولة حقوق الإنسان مقولة سياقية تختلف ولو نسبيا باختلاف السياق الذي تُطبّق فيه.
على المستوى السياسي وسواء كان النظام عسكريا أو أمنيا أو جمهوريا بحلّة عسكرية فإنّ منظومة الحكم العربية تقوم على إلغاء أهم حقوق الإنسان شرط أن يبقى النظام قائما، لكن لسائل أن يسأل هل أنّ حقوق الإنسان العربي تختلف عنها في بقية دول العالم ؟ الجواب طبعا لا فالحقوق كونية في خطوطها الأساسية، لكنها قد تتنزل في سياق ثقافي يمنحها شيئا من الخصوصية حسب طبيعة البلد ولمّا كانت المنطقة العربية منطقة موحّدة ثقافيا فإن طبيعة المطالب الحقوقية بها تكاد تكون نفسها. لكن من جهة أخرى قامت المنطقة في تصورها للمسألة الحقوقية على محورين: يتمثل الأول في منظومة المقولات الإسلامية التي صاغت الأسس الأولى لتصوّر الفكر العربي الجمعي مقولةَ الحريات والحقوق، فقد صاغ التشريع الإسلامي الذي هو المصدر الأساسي للقوانين في عدد من الدول منظومة من القيم التي تحدد مفهوم الحريات، وتأسست على مبدأ المساواة وعلى مبدأ العدل وهو المبدأ الذي يشكل محور منظومة القيم الإسلامية. أما المحور الثاني فهو المحور المدني الذي نهضت بتأسيسه فكرة الدولة المدنية وفكرة الدساتير والتشريعات الوضعية بمختلف صورها وأنماطها، فعلى المستوى النظري لم تختلف هذه النصوص والتشريعات عن مثيلاتها في الدول الغربية والأنظمة الديمقراطية لكنها لم تعرف طريقها إلى التطبيق يوما.
إنّ تغوّل السلطة التنفيذية على حساب السلطتين التشريعية والقضائية وهيمنة السياسي على كل مجالات الفرد والجماعة من الاقتصاد إلى المجتمع إلى الثقافة، هو الذي منع من تمكين المواطن العربي من الحدّ الأدنى من حقوقه المدنية والسياسية.