الدوحة- قنا- سلطت ندوة نظمها مركز المنارتين التابع لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة، بالتعاون مع معهد الدوحة الدولي للأسرة، الضوء على العلاقات المالية بين الزوجين وأثرها على الاستقرار الأسري، وذلك ضمن سلسلة ندوات الأسرة المعاصرة.

وركزت الندوة، التي أدارها الدكتور محمد الجمال، على ثلاثة محاور رئيسية: الوضع المالي المثالي بين الزوجين وتأثيراته على الأسرة المعاصرة، وإشكالات المشاركة المالية بين الزوجين وحلولها الفقهية والاجتماعية والقضائية، إلى جانب تأثيرات مشاركة الزوجة المالية على حقوقها المالية.

وأوضح المتحدثون في الندوة أن العلاقات المالية بين الزوجين ليست مجرد علاقات مادية، بل هي انعكاس للتفاهم والاحترام بين الطرفين. وأشاروا إلى أن المال قد يكون وسيلة لدعم الاستقرار الأسري أو مصدرا للخلافات، حيث يمكن أن يسهم في تعزيز السعادة أو إشعال الجدل حول المسؤوليات المالية.

وقال الدكتور رجب شانتورك عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة: «الأسرة من منظور علم الاجتماع مؤسسة معقدة للغاية، والعلاقة الزوجية لها أبعاد متعددة تشمل الجوانب المالية، والقانونية، والشرعية، والعاطفية»، مبينا ضرورة دراسة الإشكالات المعاصرة التي تواجه الفرد والأسرة والمجتمع والدولة، وتقديم حلول مستنيرة تنطلق من القيم الإسلامية.

وأضاف: «نظرتنا للبعد المالي في الأسرة الإسلامية تختلف جذريا عن النظرة الغربية، فالمال في الإسلام هو وسيلة للعبودية وتحقيق العدالة، وليس غاية في حد ذاته، كما أن الملكية الخاصة جعلت ضرورة لاستمرار الحياة الاجتماعية».

من جانبه، أوضح الدكتور خالد النعمة مدير إدارة البحوث والسياسات الأسرية بمعهد الدوحة الدولي للأسرة أن للزوجة ذمة مالية مستقلة تماما، ولها حق التملك والتصرف بأموالها دون تدخل من أي طرف، بما في ذلك زوجها، معتبرا أنه «ليس للزوج الحق في إجبار زوجته على الكسب أو الإنفاق على الأسرة، إلا في حال التوافق بينهما، ويجوز للزوجة العمل في مجالات تتماشى مع طبيعتها واختصاصها، شريطة الالتزام بالآداب الشرعية والأعراف الاجتماعية»، وأبرز أن خروج الزوجة للعمل لا يسقط عنها النفقة الواجبة على الزوج شرعا ما لم تتحقق حالات النشوز التي تسقط تلك النفقة، لكنه لفت إلى أن «العلاقات المالية بين الزوجين تثير العديد من الإشكالات في الواقع المعاش، بدءا من عمل الزوجة خارج المنزل، ومساهمتها المالية في الإنفاق على الأسرة، وحقوقها المالية في حال الطلاق أو وفاة الزوج».

بدوره، بين الأستاذ الدكتور عبدالقادر جدي أستاذ الفقه المعاصر في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر أن لمسألة العلاقات المالية بين الزوجين جانب عادي، يتناول قضايا النفقة والحضانة وعمل المرأة واستغلال الذمة المالية للمرأة، وجانب آخر يتعلق بالموجة الجديدة لتعديل قوانين الأسرة، مبينا أن بعض هذه التعديلات تستند إلى رؤى ليبرالية وعلمانية، تسعى لتغيير طبيعة العلاقات بين الرجل والمرأة من منظور مادي بحت، لا يراعي مقاصد الدين الإسلامي.

وذكر أن المجتمعات المسلمة تواجه اليوم تحديات كبيرة نتيجة الالتزامات الدولية، مثل اتفاقية «سيداو» واتفاقية حقوق الطفل، التي أثرت على القوانين والتشريعات الأسرية، مشددا على أنه من الضروري مناقشة هذه التأثيرات، وتقييم أضرارها على الأسرة المسلمة.

وخلص المتحدثون في ختام الندوة إلى أن استقرار الأسرة يتطلب توازنا في العلاقات الزوجية يقوم على التفاهم والمودة والرحمة، بعيدا عن التعامل بمنطق الحقوق والواجبات الصارم. وشددوا على أهمية بناء العلاقة الزوجية على أسس الثقة المتبادلة ومراعاة مشاعر الطرفين لتحقيق حياة أسرية مستقرة ومتوازنة.