+ A
A -
مهنا الحبيل
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةحين فككنا جوهر فشل ميشيل فوكو في نظريته العدمية الأخيرة، لم يكن ذلك لكون فلسفته هي الوحيدة في الحياة العدمية للفرد، ولكن هناك شركاء أنتجتهم الخطابية الأكاديمية الغربية معه، وفي سياقهم تم تبني نظريتهم والصناعة الحديثة عليها، في مشروع الفكر الغربي الجديد المصدّر للشرق، وخاصة إثارة نزعة الشك في الطفل، بأنهُ جندر مادي ولا يمثل ولادته لأبوين فارقاً مستحقاً لحياته.
وعليه أن يخوض معركة شك منذ طفولته، حتى يحدد جندره ويخوض عبره رحلة صراع مع أسرته ومع مجتمعه، وكأنها وصفة يجب أن تتحقق في رفض السلام الاجتماعي مع الأسرة، والخروج لمقاومة القيم وليس المظالم، التي ترتكب من شرائح أو من جناة في المجتمع، أو من سلطة المستبد العربي وذراعه الديني والأمني.
هنا يعود السؤال للشاب العربي، لماذا اعتبر أن هذه الحياة دلالة تميّز ثقافي أو انصاف حقوقي، ولماذا لا يكون العكس؟
وهو التأمل في حياة الفرد أين تتفق رحلة حياته مع طمأنينة روحه، وقناعته الأخلاقية ودلالة وعيه العقلي، ثم ينتقل إلى مراجعة مسيرة حياته في اتجاهين، لماذا علي أن أرفض أن أكون سعيداً في حياتي الشخصية، وأن أُبحر في استقلالي الفكري، دون أن أرهن نفسي تحت هذه النظرية الغربية، وهل تُمثّل لي مخرجاً للسعادة الفردية في الحياة؟
هل تعتبر الرؤية الغربية، وهي تحت قوة التبني الضخم من الحداثة، التي لم يكن لها أن تحضر فكرياً، دون الكولونيالية القديمة الجديدة، وهي اخضاع عالم الجنوب وكل مختلف عن الجغرافيا الاجتماعية للغرب، لقواعد الاستعلاء الذي كان حروب إبادة قديما، واليوم حروب نفوذ فكري وسياسي رأسمالي.
ويعود السؤال مجدداً..
لماذا لا أكون حراً دون أن أقلّد أبوَي أو مجتمعي، ولي خصوصية مستقلة في الفكر، لكن دون أن أصادم الأسرة والدخول في صراع عدمي معها، قاعدة العداء هو الأب والأسرة والمجتمع، ولماذا لا يكون العكس، فالأبوان عاطفة ورعاية يحتاج لها الطفل والشاب، وهي معيار أخلاقي لقناعته وليس واجب ينفذه رغماً عنه، وإنما قناعة أخلاق تقوم على قيم، فقد كانت الأسرة ولا تزال سر القاعدة الاجتماعية التضامنية لأول مسارات الحياة.
إن مراجعة الشاب للكليات النهائية لحياته الشخصية، ولدوره في تقدم مجتمعه وانتقاله نحو آفاق نهضة إنسانية، بغض النظر عن مستوى إيمانه بالإسلام، والتي قد يشعر مستقبلاً أن الصورة المشوهة، التي رآها في بعض النماذج، والصورة المصنوعة التي قرأها وهو في قلب وطنه الصغير، لم تكن دقيقة بل كانت مبتورة موظفة، وتعاظمت بسبب هيمنة الحضور الغربي على حركة الفكر الحديث، وأنهُ هو بذاته قد يجد مستقبلا ما يُغيّر رفضه الحدي للإسلام، أو يهدأ في مناوئته لحق المجتمع في قيمه الإسلامية، بغض النظر عن موقفه الشخصي.
هذه الأسئلة تساعد الشباب في إعادة رسم المسرح من حولهم، والعبور الآمن لحياتهم الشخصية، كسلام داخلي بدلاً من أن يخوض حرباً، تفصله عن أهله ومجتمعه، ثم يعيش جفافاً خطيراً يفتك به من الداخل، ويَختطف منه أهم ما يعيشه الإنسان، الاستقرار الروحي والسكينة الاجتماعية والمستقبل الناجح.
إن الآخرين اليوم لا يملكون أي قوة للتأثير، من خلال فرض القناعات، والقوة الأبرز اليوم هي للفكرة الغربية الجندرية، فالرأسمالية العالمية تخدم المثلية القهرية والإلحاد في كل المنصات، وفي حركة الثقافة الدولية وتصنيفها، وبالتالي خيار الشباب وقرارهم يعتمد على قناعتهم.
وهنا يبرز دور الأسرة، في ضرورة الاحتضان الاجتماعي وخلق منظومة تفاهم، مع أبناءهم وجيلهم الجديد، تسمح لهم بعبور هذه الحالة الصعبة لأزمة العالم الحديث المتجددة، التي تفرض فكرة الصراع مع الذات من هي وما هي، ثم الصراع مع الأسرة والقيم الأخلاقية، وصولاً إلى التحول للانفصال الاجتماعي الأخير ورفض الفطرة، وما بعده من ألم قاسٍ على حياة الأسرة والفرد.
وللشباب مساحتهم الزمنية، وللمجتمع أيضاً أزماته المرتبطة بالسلطة أو الجاهلية الاجتماعية، فهناك خطأ من الجانبين، ولكن حين تكون منظومة التفاهم والميثاق الأخلاقي، والتعاطف والتضامن الوجداني حاضرة بين الوالدين وبنيهم، فهي أكبر وسيلة للحفاظ على رأس مال العائلة وشبابها، سكينة اجتماعية يحضنها الحب والسعادة، تفتح أبواب المستقبل للشباب في تصالح مع القيم وليس عادات المجتمع السيئة، لأجل حياة إنسانية أفضل لأرواحهم وأهليهم.
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكريةحين فككنا جوهر فشل ميشيل فوكو في نظريته العدمية الأخيرة، لم يكن ذلك لكون فلسفته هي الوحيدة في الحياة العدمية للفرد، ولكن هناك شركاء أنتجتهم الخطابية الأكاديمية الغربية معه، وفي سياقهم تم تبني نظريتهم والصناعة الحديثة عليها، في مشروع الفكر الغربي الجديد المصدّر للشرق، وخاصة إثارة نزعة الشك في الطفل، بأنهُ جندر مادي ولا يمثل ولادته لأبوين فارقاً مستحقاً لحياته.
وعليه أن يخوض معركة شك منذ طفولته، حتى يحدد جندره ويخوض عبره رحلة صراع مع أسرته ومع مجتمعه، وكأنها وصفة يجب أن تتحقق في رفض السلام الاجتماعي مع الأسرة، والخروج لمقاومة القيم وليس المظالم، التي ترتكب من شرائح أو من جناة في المجتمع، أو من سلطة المستبد العربي وذراعه الديني والأمني.
هنا يعود السؤال للشاب العربي، لماذا اعتبر أن هذه الحياة دلالة تميّز ثقافي أو انصاف حقوقي، ولماذا لا يكون العكس؟
وهو التأمل في حياة الفرد أين تتفق رحلة حياته مع طمأنينة روحه، وقناعته الأخلاقية ودلالة وعيه العقلي، ثم ينتقل إلى مراجعة مسيرة حياته في اتجاهين، لماذا علي أن أرفض أن أكون سعيداً في حياتي الشخصية، وأن أُبحر في استقلالي الفكري، دون أن أرهن نفسي تحت هذه النظرية الغربية، وهل تُمثّل لي مخرجاً للسعادة الفردية في الحياة؟
هل تعتبر الرؤية الغربية، وهي تحت قوة التبني الضخم من الحداثة، التي لم يكن لها أن تحضر فكرياً، دون الكولونيالية القديمة الجديدة، وهي اخضاع عالم الجنوب وكل مختلف عن الجغرافيا الاجتماعية للغرب، لقواعد الاستعلاء الذي كان حروب إبادة قديما، واليوم حروب نفوذ فكري وسياسي رأسمالي.
ويعود السؤال مجدداً..
لماذا لا أكون حراً دون أن أقلّد أبوَي أو مجتمعي، ولي خصوصية مستقلة في الفكر، لكن دون أن أصادم الأسرة والدخول في صراع عدمي معها، قاعدة العداء هو الأب والأسرة والمجتمع، ولماذا لا يكون العكس، فالأبوان عاطفة ورعاية يحتاج لها الطفل والشاب، وهي معيار أخلاقي لقناعته وليس واجب ينفذه رغماً عنه، وإنما قناعة أخلاق تقوم على قيم، فقد كانت الأسرة ولا تزال سر القاعدة الاجتماعية التضامنية لأول مسارات الحياة.
إن مراجعة الشاب للكليات النهائية لحياته الشخصية، ولدوره في تقدم مجتمعه وانتقاله نحو آفاق نهضة إنسانية، بغض النظر عن مستوى إيمانه بالإسلام، والتي قد يشعر مستقبلاً أن الصورة المشوهة، التي رآها في بعض النماذج، والصورة المصنوعة التي قرأها وهو في قلب وطنه الصغير، لم تكن دقيقة بل كانت مبتورة موظفة، وتعاظمت بسبب هيمنة الحضور الغربي على حركة الفكر الحديث، وأنهُ هو بذاته قد يجد مستقبلا ما يُغيّر رفضه الحدي للإسلام، أو يهدأ في مناوئته لحق المجتمع في قيمه الإسلامية، بغض النظر عن موقفه الشخصي.
هذه الأسئلة تساعد الشباب في إعادة رسم المسرح من حولهم، والعبور الآمن لحياتهم الشخصية، كسلام داخلي بدلاً من أن يخوض حرباً، تفصله عن أهله ومجتمعه، ثم يعيش جفافاً خطيراً يفتك به من الداخل، ويَختطف منه أهم ما يعيشه الإنسان، الاستقرار الروحي والسكينة الاجتماعية والمستقبل الناجح.
إن الآخرين اليوم لا يملكون أي قوة للتأثير، من خلال فرض القناعات، والقوة الأبرز اليوم هي للفكرة الغربية الجندرية، فالرأسمالية العالمية تخدم المثلية القهرية والإلحاد في كل المنصات، وفي حركة الثقافة الدولية وتصنيفها، وبالتالي خيار الشباب وقرارهم يعتمد على قناعتهم.
وهنا يبرز دور الأسرة، في ضرورة الاحتضان الاجتماعي وخلق منظومة تفاهم، مع أبناءهم وجيلهم الجديد، تسمح لهم بعبور هذه الحالة الصعبة لأزمة العالم الحديث المتجددة، التي تفرض فكرة الصراع مع الذات من هي وما هي، ثم الصراع مع الأسرة والقيم الأخلاقية، وصولاً إلى التحول للانفصال الاجتماعي الأخير ورفض الفطرة، وما بعده من ألم قاسٍ على حياة الأسرة والفرد.
وللشباب مساحتهم الزمنية، وللمجتمع أيضاً أزماته المرتبطة بالسلطة أو الجاهلية الاجتماعية، فهناك خطأ من الجانبين، ولكن حين تكون منظومة التفاهم والميثاق الأخلاقي، والتعاطف والتضامن الوجداني حاضرة بين الوالدين وبنيهم، فهي أكبر وسيلة للحفاظ على رأس مال العائلة وشبابها، سكينة اجتماعية يحضنها الحب والسعادة، تفتح أبواب المستقبل للشباب في تصالح مع القيم وليس عادات المجتمع السيئة، لأجل حياة إنسانية أفضل لأرواحهم وأهليهم.