يعقوب العبيدلي
يجتهد المسلمون في رمضان – وخاصة في العشر الأواخر منه - في نيل الثواب الكبير الذي وعد الله تعالى به عباده خلال رمضان، وفي العشر الأواخر وفي ليلة القدر خاصة، تتشوَّق النفس لها، هي ليلة الفوز، ليلة التتويج، التي هي خير من ألف شهر.
جاء في الأثر في تحري ليلة القدر «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُلْتَمِساً لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَلْيَلْتَمِسْهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وِتْراً» وربما تكون الليلة، قال الإمام البيهقي رحمه الله: «وطلب العفو من الله مستحب في جميع الأوقات، وهو أخص في هذه الليلة، لذا حريٌّ بالمسلم أن يحرص على ما ينفعه، وأن يسأل الله العفو، ويدعوه «اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني» وحريّ به أن يكون له حظٌّ من التخلق بالعفو؛ إذ العفو من الأمور التي يحبها الله، كما أخبر الحديث، كن كريماً في أخلاقك مع أهل بيتك، خدمك، عمالك، موظفينك، الخ، فإن الله سبحانه وتعالى أكرم الأكرمين، سيفعل ذلك معك، يعفو عنك، ويتجاوز، ويستحب للمسلم أن يقرن الأقوال بالأفعال، ويستحب للمسلم أن يكثر من الدعاء في هذه الليالي الخواتيم، بما شاء من الدعوات الطيبات، وخاصة الأدعية المأثورة والجامعة، وهي كثيرة وعديدة.
جاء في الأثر «مَن قام ليلةَ القدرِ إيماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه» والدعاء الثابت
في هذه الليلة المباركة، حسبما أوضح مشايخ وعلماء المسلمين - ما ورد عن السيدة عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها، قَالَت: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ، مَا أَقُولُ فِيهَا ؟ قَالَ: قُولِي: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ، تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي» والعفو هنا يأتي بمعنى المحو والإزالة، فعلى هذا المعنى يكون العفو في حقِّ الله تعالى عبارة عن إزالة آثار الذنوب بالكلية، كما يأتي العفو بمعنى الفضل كذلك، وعليه يكون العفو في حق الله تعالى بمعنى أنه يعطي الكثير، ويهب الفضل، فوجب اغتنام الليلة، وطلب العفو مستحب في جميع الأوقات، وهو أخص في هذه الليلة، فالله كما ورد ليس بينه وبيننا بين، فالله أقرب إلينا من حبل الوريد، أقرب من نطقنا، وأقرب من أنفسنا، قرب إلهي عجيب، -كما يقول الدكتور العلامة مصطفى محمود -رحمه الله وغفر له وأسكنه الفردوس، يا ودود يا ودود يا ودود أنت القائل ادعوني أستجب لكم، اللهم صب علينا الخير صبا، وبارك لنا فيه، واعتقنا من النيران، وادخلنا الجنة بسلام، ورحم الله قارئاً قال آمين، وعلى الخير والمحبة نلتقي.