أصبحت المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة عنصراً أساسياً في النظام الغذائي للكثيرين حول العالم، وفي مقدمتهم الأطفال، خاصة مع سهولة تناول السكر في شكل سائل.
وكشف باحثون في الولايات المتحدة حديثاً أن الوفرة الهائلة في هذا النوع من المشروبات وما يحمله من سعرات حرارية يشكل خطراً على النظام الصحي عالمياً.
ففي دراسة ضمت بيانات نحو 3 ملايين شخص في 118 دولة حول العالم، تمكن باحثون من تحديد الآثار الصحية المحتملة لتناول المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة بشكل أكثر دقة مقارنة بدراسات سابقة، وفقاً لموقع شبكة راديو NPR الأميركية.
اعتمدت الدراسة على بيانات 450 استبياناً قدم المشاركون فيها «صورة أكثر دقة» عن حجم استهلاكهم المشروبات السكرية. وفي حين لا تستطيع الدراسة أن تقول بشكل قاطع أن المشروبات السكرية تسبب الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، إلا أنها تحاكي جزءاً التأثير العالمي لاستهلاكنا المتزايد للسكر.
وتقول الدراسة، المنشورة في مجلة ناتشر Nature العلمية، ساهمت هذه المشروبات في أكثر من 330 ألف حالة وفاة و3 ملايين حالة إصابة جديدة بالسكري أو أمراض القلب خلال عام 2020. ويقول الباحثون أن هذه النتائج تمثل قفزة كبيرة مقارنة بنتائج دراسة أقدم أجريت عام 2015، والتي قدرت أعداد الوفيات المرتبطة باستهلاك المشروبات السكرية بـ 184 ألف حالة.
كما كشفت الدراسة أن هذه الموجة المتزايدة من المشاكل الصحية المرتبطة بالمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة تتركز في مناطق بعينها. فمنذ عام 1990، شهدت دول جنوب الصحراء في إفريقيا ودول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي المعدلات الأعلى، بينما سجلت دول شرق وجنوب شرق آسيا المعدلات الأدنى حول العالم.
أما من حيث الدولة، كانت أكبر زيادة في حالات الإصابة الجديدة بمرض السكري من النوع 2 المنسوبة إلى فرط سكر الدم لكل مليون شخص بالغ، في كولومبيا، تليها الولايات المتحدة في المركز الثاني، ثم والأرجنتين في المركز الثالث. وبالنسبة لحالات أمراض القلب والأوعية الدموية المنسوبة إلى فرط سكر الدم، جاءت نيجيريا في المركز الأول، تليها روسيا في المركز الثاني، ثم كولومبيا في المركز الثالث.
على الجانب الآخر، اعترض المتحدث باسم شركة أميركان بيفريج الأميركية الممثلة لشركات المشروبات غير الكحولية على نتائج الدراسة. وفي بيان قدمه إلى موقع NPR، رد المتحدث باسم الشركة بأن: نظرا لعدم وجود مسوحات غذائية عالمية قوية وعدم مراعاة العوامل البيئية وأنماط الحياة الأخرى، فإن تقدير الاستهلاك بدقة أو عزو النتائج الصحية إلى أطعمة أو مشروبات محددة بمعزل عن غيرها أمر يكاد يكون مستحيلاً. وأضاف المتحدث: نحن ندرك أن الإفراط في تناول السكر ليس مفيداً لأي شخص؛ ولهذا السبب تلتزم صناعتنا بتقليل السكر في المشروبات.
أما مشروبات الطاقة فلم يتفق المجتمع العلمي بعد على تعريف واضح لها، ووفقا للوائح الحالية، فهي تندرج ضمن فئة المشروبات المنعشة. وضمن هذه الفئة، يقع تجميع كل تلك المشروبات التي تحتوي على الكافيين، والتورين والفيتامينات خاصة فيتامينات بي، التي تكون في بعض الأحيان مصحوبة بمكونات أخرى، من قبيل الجنسينغ ومادة الغلوكورونولاكتون والكارنيتين والجنكة والغوارانا. هذه المشروبات تعد واحدة وهي من أولى المشاكل المطروحة، حيث يمكن أن يكون اسمها والإشهارات والدعايات والرسائل التي تنطوي عليها مضللة. ولا تسمح الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية بالإعلان عنها بصفتها مشروبات يمكن أن تعزز الأداء البدني والفكري لدى الأشخاص، فيما اعترض البرلمان الأوروبي على أية إمكانية لتصنيف هذا النوع من المشروبات صحيا.
ولمشروبات الطاقة تأثير منشط، ويمكن أن تزيد من الأداء الرياضي. علاوة على ذلك، يزيد استهلاكها من حدوث آثار جانبية سلبية. وعلى الرغم من أن العلامات التجارية المصنعة الرائدة تصر على سلامة المنتجات، فإن خبراء الصحة، من منظمة الصحة العالمية، يحذرون من أنها قد تشكل خطراً على الصحة العامة، كما ينصحون بتجنب استهلاكها خاصة بالنسبة للأطفال، وقد تلحق الضرر أيضاً بمجموعة معينة من الأشخاص، خاصة الشباب الذين يقل سنهم عن 18 عاماً والنساء الحوامل أو الأشخاص الحساسين للغاية للكافيين أو أولئك الذي يتناولون بعض الأدوية.
وبحسب دراسة نشرتها جمعية القلب الأميركية هذا العام، تغير مشروبات الطاقة التي تحتوي على الكافيين النشاط الكهربائي للقلب، وتزيد من ضغط الدم. وفي هذه الدراسة، جرى أيضاً تقييم تأثير ارتفاع استهلاك مشروبات الطاقة على نظام القلب والأوعية الدموية، حيث ثبت أن استهلاك مشروبات الطاقة يرتبط بالسكتة القلبية واحتشاء عضلة القلب. ويمكن أن تكون مرتبطة حتى بما يعرف بسماكة الدم.
وهناك أدلة علمية أكثر على الآثار الضارة لمشروبات الطاقة. وفي كل هذه الحالات، يكون الجهاز القلبي الوعائي إلى جانب الجهاز العصبي هو الأكثر تضرراً.
وعادة ما تظهر الآثار الضارة للكافيين على الجهاز العصبي جراء استهلاك جرعات تصل إلى مائتي مليغرام أو أكثر، على الرغم من أن ذلك يمكن أن يختلف اختلافاً كبيراً بين الأشخاص. وتجدر الإشارة إلى أن بعض مشروبات الطاقة تحتوي على ما بين مائة ومئتي مليغرام من الكافيين لكل واحدة، دون الأخذ في الحسبان أنها عادة ما تكون مصحوبة بمكونات محفزة أخرى يمكن أن تعزز تأثيرها.
ويعد السكر أحد المكونات الرئيسة لجميع مشروبات الطاقة، التي يحتوي معظمها على مزيد من السكر بنسبة أكبر من المشروبات الغازية العادية، التي تقدر في المتوسط بين عشرة و12 غراما لكل مائة مليلتر من المشروب. فإذا اعتبرنا أن العلبة تحتوي على 250 مليلتراً، فإننا نتحدث عن حوالي 25 أو ثلاثين غراماً من السكر لكل علبة. والجدير بالذكر أن بعض العلامات التجارية تبيع علبا بمقدار نصف لتر، ما يعادل حوالي ستين غراماً من السكر، وهو معدل أعلى بكثير من الحد الأقصى للكميات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية، التي تؤكد أن معدل السكر لا يجب أن يزيد على 25 غراماً بالنسبة للأطفال والمراهقين.