+ A
A -
جاء أبو بكر يستأذِنُ على النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدَ النَّاس جلوساً ببابه لم يُؤذن لأحدٍ منهم، ولكن لما طلبَ أبو بكرٍ الدخول أذِنَ له النبي صلى الله عليه وسلم فدخلَ، ثم جاءَ عمر بن الخطاب فاستأذن بالدخول فأذِنَ له النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فوجدَ عُمر النبيَّ صلى الله عليه وسلم جالساً حوله نساؤه، واجماً ساكتاً!
فقال: لأقولنَّ شيئاً أُضحك النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال: يا رسول الله، لو رأيتَ بنتَ خارجة يعني زوجته، سألتني النفقة، فقمتُ إليها فوجأتُ عنقها!
فضحك النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وقال: هُنَّ حولي كما ترى يسألنني النفقة!
فقام أبو بكر إلى عائشة يدفعها ويؤنبها.
وقام عمر إلى حفصة يدفعها ويؤنبها.
وكلاهما يقول: تسألنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليسَ عنده.
فقُلنَ واللهِ لا نسأله بعد اليوم شيئاً عنده.
قصة عظيمة من قصص الحياة، وصفحة مشرقة من صفحات السيرة، ودروس بليغة من دروس الدهر!
لم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم بدخول الناس عليه لأنه ليس في مزاجٍ يسمحُ له برؤية الناس، فهل قدَّرنا نحن أن المرءُ يحتاجُ أحياناً وقتاً مع نفسه يستريحُ به من وعثاء الحياة! ولكنه أذِنَ لأبي بكر وعمر لأن المشكلة كانت مشكلة عائلية، وكلاهما حمىً له، فأبو بكر والد عائشة، وعمر والد حفصة، وهذا درس بليغ أن لا يجعل أحدنا مشاكل بيته مشاعاً للناس، لا بأس بأن يطلع أهل الزوجة والزوج فقط، وحبذا لو بقيتْ بين الزوجين فهذا أفضل، ولكن من سُنن الحياة في الزواج أن الأمور تخرجُ أحياناً عن السيطرة!
لم يهُنْ على عمر بن الخطاب هذا الحزن الذي رآه على وجه النبيِّ صلى الله عليه وسلم فأراد أن يضحكه، فأخبره طرفةً هي من نوع المشكلة الراهنة، أي طلب أمهات المؤمنين النفقة من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن وقتها يملكُ مالاً، ومن فقه التسلية عن الناس في المشاكل أن تخبرهم أن كل البيوت تقع فيها الخلافات، ويُقال للزوج كل الزوجات كذلك، وللزوجة كل الأزواج كذلك، وما أنتم إلا جزء من الناس، فالتسلية عن المكدَّر والحزين من جبر الخواطر، وجبر الخواطر عبادة!
لم يرضَ أبو بكر وعمر أن تطلب ابنتاهما نفقةً ليست عند النبي صلى الله عليه وسلم وهذا نُبل الآباء، فإذا عرفَ الأهل وضع الزوج وقلة ذات يده يجب عليهم أن يأخذوا على يد ابنتهم، وأن تعيش بما قسم الله لها، لأن كثرة الطلبات من زوج لا يجد مالاً كثيراً يُثقل كاهله، ويشعره بالعجز، وهو مدعاة للنفور بين الزوجين، وخراب الأسرة، فترفقوا!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
20/05/2021
4201