«73» عاما مرت على النكبة ودماء الفلسطينيين مازالت تسيل سخية، على مرأى ومسمع من دول العالم دون أن يحرك أحد ساكنا، وكأن الشعار الذي يجمعهم على مختلف ثقافاتهم «لا أسمع.. لا أرى.. لا أتكلم»، باستثناء عدد محدود من الدول والقيادات التي تأبى أن تموت القضية الفلسطينية، أو يتعرض شعبها للعدوان والتنكيل دون أن تكون لها مواقف تبيّض الوجه وتريح الضمير.. ونحمد الله أن بلادنا وسياساتها الثابتة تجاه هذه القضية المركزية لم تتغير أو تتبدل، لا على المستوى الرسمي ولا الشعبي.. وظلت قطر وقيادتها وأهلها، وحسب قدراتها وإمكانياتها ومدى تأثيرها، تلعب الدور الأبرز في هذا الملف الحافل بالمآسي.. ولم تصطف يوماً مع العدو ولم ترضَ يوماً بالعدوان.. فلا وجود للتخاذل والهوان في قاموس القطريين.. فعلاقاتهم واضحة وسياساتهم شفافة، وكلها تصب لصالح القضية وإرساء قواعد السلام في المنطقة والعالم أجمع.
ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بعد أسبوعين من الحرب المستعرة.. حريٌ بنا القول إن هذا الصراع المتفاعل والمتواصل سببه في المقام الأول المنظمات الدولية، ممثلة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل والجنايات وحقوق الإنسان وغيرها، فهي مشاركة ضمنياً وفعلياً في هذه المأساة لعدم قدرتها على الوقوف في وجه الوحشية الإسرائيلية وردعها، ومحاكمة قياداتها من مجرمي الحرب على ما ارتكبوه من قتل وتعذيب وتشريد بحق شعب كامل وحرمانه من حقوقه المشروعة.
فكل قرار أممي يتم لحسه قبل أن يجف حبره، وكل اتفاق تم التوصل إليه يركن حبيس أدراج النسيان والتجاهل العالمي والتعنت الإسرائيلي، وكأن على الفلسطينيين أن يكونوا ضحايا أبديين لعجز دولي وعجرفة إسرائيلية وهوان عربي مهين.
قبل أيام أحيا الفلسطينيون، وحيدين، ذكرى النكبة، مضحين بدمائهم وأرواح أبنائهم وخسارة ممتلكاتهم، في سبيل الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى وسكن عائلاتهم في حي الشيخ جراح.. وكانوا في موقع المُدافع، بينما قوات الاحتلال الإسرائيلي هي من أشعل شرارة المواجهة التي تحولت لاحقاً لمعركة دموية.
وتصدرت المقاومة الصفوف الأولى لهذه المواجهة، فظهرت بثوب جديد وأسنان حادة وشوكة أقوى من ذي قبل.. وكأن الفتى اليافع في الانتفاضة الثانية عام 2000 قد بلغ سن النضج في 2021، وبات قادراً على التصنيع والمواجهة واختراق القبب الحديدية بذكاء وحرفية.. فاستطاعت صواريخ المقاومة أن تحدث شرخاً في الكيان الإسرائيلي.. وبات مواطنوه يعيشون بهلع وقلق على أصوات صفارات الإنذار.. فينطلقون مرجفين إلى الملاجىء والجحور !
ووسط هذه الحالة الإيمانية والتطورات المهنية التي اتصفت بها حماس في هذه المواجهات، ضاعت نخوة العرب، وحضر الهوان، فتحولوا إلى متفرجين على حلقة جديدة من مسلسل العدوان الذي لا ينقطع، فجاءت ردود الفعل باهتة خجولة، إلا من بيانات لا طعم لها سوى طعم الحنظل المر !
هذا حالنا اليوم، نحن المتفرجين على مسرح بؤسنا وهواننا، حيث الآلة الإسرائيلية تقصف المدنيين ومقار الإعلاميين لتخويف الجميع وإسكات أصواتهم، ولا يهمها أن تتطاير أشلاء الأطفال والنساء وتنهار الأبنية على رؤوس ساكنيها، فهي لا تكترث بقانون دولي ولا ضمير إنساني.. ونحن، المتفرجين من مقاعد الصمت بأرواحنا المحطمة، نتابع على شاشات التلفاز بطولات شعب يقاوم بما أوتي من قوة، حيث الفدائية الفلسطينية تقاوم المحتل الإسرائيلي وتلوي شوكته السامة.
هذا الشعب غيّر المعادلات والأمثال والمقولات، وأثبت أن عينه تقاوم المخرز وتنتصر عليه، فهو صاحب قضية، وقضيته أكبر من الـ «إف -35»، ومن القبة الحديدية والباتريوت والمدفعية وكل آلة الحرب الإسرائيلية.
سلاحه الإيمان، ودرعه عدالة قضيته، وخندقه الصمود في وجه أعتى آلة حرب عرفها البشر، هكذا واجه المحتل وعدوانه وصلفه، وأثبت أن لا حق يموت وراءه مطالب، كيف يموت والحق هو فلسطين والمطالبون هم أبناء هذا الشعب المؤمن المحتسب.
وسط هذا الظلام العربي، كانت بقعة الضوء من قطر، الوفية لأشقائها، المؤمنة بقضاياهم، الحريصة على مد يد العون والمساعدة إليهم، فتحركت فرقها الإغاثية من «قطر الخيرية» و«الهلال الأحمر» و«اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة»، وسط القذائف والدمار ورائحة الموت والبارود، تحمل المساعدات الإغاثية الميدانية إلى آلاف الأسر الفلسطينية المتضررة، انطلاقا من واجبها الأخوي، وتلبية لاحتياجاتهم الإنسانية العاجلة بسبب الأوضاع الراهنة التي يتعرضون لها، فقامت بتوزيع المواد الغذائية الضرورية، وتوفير الخدمات الصحية العاجلة، وتوزيع حقائب النظافة الشخصية والوقاية من وباء «كوفيد 19»، وتأهيل وتجهيز المراكز الصحية والمستشفيات لاستيعاب أكبر قدر من المرضى والمصابين وتقديم العلاج لهم، والتخفيف من المعاناة الإنسانية للمتضررين من الأوضاع الحالية هناك، بينما كان أهل قطر يتبرعون بالغالي والنفيس ضمن حملة «أغث فلسطين» من أجل مساعدة النازحين والمتضررين، وتلبية احتياجاتهم الإنسانية العاجلة والتخفيف من آلامهم ومعاناتهم.
لم تنتظر منظماتنا الإنسانية هدوء الأوضاع، ولا شغلها القصف الإسرائيلي، بل تحركت منذ اليوم الأول تحت القصف والنار والدخان، تحمل الأدوية والمستلزمات الطبية، تدعم النازحين الذين فقدوا بيوتهم، وتحمل المؤن للمحاصرين، والأدوية للجرحى والمصابين من المدنيين الأبرياء العزل.
كانت قطر الحاضر الأول عندما غاب الكثيرون، واستراحوا على مقاعد المتفرجين الوثيرة، فهذا قدرها أن تكون عونا وسندا وكعبة للمضيوم.
وكما تحركت فرقها الإغاثية، تحركت دبلوماسيتها النشطة في سبيل وضع حد للعدوان، فكانت القاسم المشترك في كل الاتصالات الدولية من أجل العمل على حل يوقف العدوان ويعيد إطلاق المفاوضات في سبيل حل دائم وعادل وشامل.
هذه الدبلوماسية لم تتوقف يوما عن التحرك في سبيل إيجاد حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية، وكانت هذه القضية على الدوام ضمن أولويات السياسة القطرية، على أعلى المستويات، وقد حظيت دوما بالاهتمام الذي تستحقه في خطابات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، خاصة في افتتاح أدوار الانعقاد السنوية لمجلس الشورى، وفي كلمات سموه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وآخرها كلمة سموه أمام الدورة الخامسة والسبعين لاجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أوضح سموه أن السلام العادل والمنشود لا يمكن تحقيقه إلا من خلال التزام إسرائيل التام بمرجعيات وقرارات الشرعية الدولية، والتي قبلها العرب وتقوم عليها مبادرة السلام العربية، فيما تحاول إسرائيل الالتفاف عليها والتصرف كأن قضية فلسطين غير موجودة.
إن أية ترتيبات لا تستند إلى هذه المرجعيات لا تحقق السلام ولو سميت سلامًا، وقد يكون لها غايات أخرى غير الحل العادل لقضية فلسطين، وغير تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم.
هذا الموقف لم يتبدل ولم يتغير في أي وقت وتحت أي ظرف، فقطر على قناعة تامة بأن أي حل منقوص ليس حلا، وأي تسوية مجتزأة ليست تسوية بقدر ما هي وصفة للفوضى والحروب والاقتتال.
إن ما يحدث اليوم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي غزة المحاصرة، يؤكد مدى ما تمتعت به السياسة القطرية من بعد نظر، وهي تدعو، يوما بعد يوم وعاما بعد عام، لحل عادل وشامل، من شأنه وحده نزع فتيل التوتر في هذه المنطقة الهامة من العالم.
وهي تفعل ذلك من منطلق انتمائها لأمتها وإيمانها بقضاياها العادلة، ومن كونها عضوا فاعلا في الأسرة الدولية تريد لها الأمن والسلام والاستقرار.
لذلك.. لم يكن غريبا على الإطلاق هذا التحرك النشط إغاثيا ودبلوماسيا وإعلاميا، فقضية فلسطين هي قضية قطر، وستبقى من أهم قضاياها طالما بقي هذا الشعب رازحا تحت الحصار والاحتلال، وطالما بقي عاجزا عن إقامة دولته المستقلة على حدود العام «1967»، وعاصمتها القدس الشريف.
وبين فرقها الإغاثية ودبلوماسيتها النشطة المؤثرة، كانت «الجزيرة» تنقل للعالم بأسره ما تحاول إسرائيل طمسه، لذلك لم يكن غريبا أن يتعرض «برج الجلاء»، حيث مكاتبها ومكاتب العديد من وسائل الإعلام العالمي، لتدمير وحشي غير مبرر بالمرة، كما لم يكن غريبا أن تقوم القوات الإسرائيلية بقصف وتدمير مكتب الهلال الأحمر القطري بقطاع غزة ومكاتب قناة الجزيرة، في عملية وحشية أسفرت عن استشهاد وجرح عدة فلسطينيين.. لقتل صوت الحقيقة..
ولكن هيهات.. فمهما طال الانتظار.. فالحق يجلب الانتصار..الشعب الفلسطيني غيّر الأمثال والمقولات والمعادلات.. «وما يموت حق وراءه مطالب»
محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول
ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بعد أسبوعين من الحرب المستعرة.. حريٌ بنا القول إن هذا الصراع المتفاعل والمتواصل سببه في المقام الأول المنظمات الدولية، ممثلة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل والجنايات وحقوق الإنسان وغيرها، فهي مشاركة ضمنياً وفعلياً في هذه المأساة لعدم قدرتها على الوقوف في وجه الوحشية الإسرائيلية وردعها، ومحاكمة قياداتها من مجرمي الحرب على ما ارتكبوه من قتل وتعذيب وتشريد بحق شعب كامل وحرمانه من حقوقه المشروعة.
فكل قرار أممي يتم لحسه قبل أن يجف حبره، وكل اتفاق تم التوصل إليه يركن حبيس أدراج النسيان والتجاهل العالمي والتعنت الإسرائيلي، وكأن على الفلسطينيين أن يكونوا ضحايا أبديين لعجز دولي وعجرفة إسرائيلية وهوان عربي مهين.
قبل أيام أحيا الفلسطينيون، وحيدين، ذكرى النكبة، مضحين بدمائهم وأرواح أبنائهم وخسارة ممتلكاتهم، في سبيل الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى وسكن عائلاتهم في حي الشيخ جراح.. وكانوا في موقع المُدافع، بينما قوات الاحتلال الإسرائيلي هي من أشعل شرارة المواجهة التي تحولت لاحقاً لمعركة دموية.
وتصدرت المقاومة الصفوف الأولى لهذه المواجهة، فظهرت بثوب جديد وأسنان حادة وشوكة أقوى من ذي قبل.. وكأن الفتى اليافع في الانتفاضة الثانية عام 2000 قد بلغ سن النضج في 2021، وبات قادراً على التصنيع والمواجهة واختراق القبب الحديدية بذكاء وحرفية.. فاستطاعت صواريخ المقاومة أن تحدث شرخاً في الكيان الإسرائيلي.. وبات مواطنوه يعيشون بهلع وقلق على أصوات صفارات الإنذار.. فينطلقون مرجفين إلى الملاجىء والجحور !
ووسط هذه الحالة الإيمانية والتطورات المهنية التي اتصفت بها حماس في هذه المواجهات، ضاعت نخوة العرب، وحضر الهوان، فتحولوا إلى متفرجين على حلقة جديدة من مسلسل العدوان الذي لا ينقطع، فجاءت ردود الفعل باهتة خجولة، إلا من بيانات لا طعم لها سوى طعم الحنظل المر !
هذا حالنا اليوم، نحن المتفرجين على مسرح بؤسنا وهواننا، حيث الآلة الإسرائيلية تقصف المدنيين ومقار الإعلاميين لتخويف الجميع وإسكات أصواتهم، ولا يهمها أن تتطاير أشلاء الأطفال والنساء وتنهار الأبنية على رؤوس ساكنيها، فهي لا تكترث بقانون دولي ولا ضمير إنساني.. ونحن، المتفرجين من مقاعد الصمت بأرواحنا المحطمة، نتابع على شاشات التلفاز بطولات شعب يقاوم بما أوتي من قوة، حيث الفدائية الفلسطينية تقاوم المحتل الإسرائيلي وتلوي شوكته السامة.
هذا الشعب غيّر المعادلات والأمثال والمقولات، وأثبت أن عينه تقاوم المخرز وتنتصر عليه، فهو صاحب قضية، وقضيته أكبر من الـ «إف -35»، ومن القبة الحديدية والباتريوت والمدفعية وكل آلة الحرب الإسرائيلية.
سلاحه الإيمان، ودرعه عدالة قضيته، وخندقه الصمود في وجه أعتى آلة حرب عرفها البشر، هكذا واجه المحتل وعدوانه وصلفه، وأثبت أن لا حق يموت وراءه مطالب، كيف يموت والحق هو فلسطين والمطالبون هم أبناء هذا الشعب المؤمن المحتسب.
وسط هذا الظلام العربي، كانت بقعة الضوء من قطر، الوفية لأشقائها، المؤمنة بقضاياهم، الحريصة على مد يد العون والمساعدة إليهم، فتحركت فرقها الإغاثية من «قطر الخيرية» و«الهلال الأحمر» و«اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة»، وسط القذائف والدمار ورائحة الموت والبارود، تحمل المساعدات الإغاثية الميدانية إلى آلاف الأسر الفلسطينية المتضررة، انطلاقا من واجبها الأخوي، وتلبية لاحتياجاتهم الإنسانية العاجلة بسبب الأوضاع الراهنة التي يتعرضون لها، فقامت بتوزيع المواد الغذائية الضرورية، وتوفير الخدمات الصحية العاجلة، وتوزيع حقائب النظافة الشخصية والوقاية من وباء «كوفيد 19»، وتأهيل وتجهيز المراكز الصحية والمستشفيات لاستيعاب أكبر قدر من المرضى والمصابين وتقديم العلاج لهم، والتخفيف من المعاناة الإنسانية للمتضررين من الأوضاع الحالية هناك، بينما كان أهل قطر يتبرعون بالغالي والنفيس ضمن حملة «أغث فلسطين» من أجل مساعدة النازحين والمتضررين، وتلبية احتياجاتهم الإنسانية العاجلة والتخفيف من آلامهم ومعاناتهم.
لم تنتظر منظماتنا الإنسانية هدوء الأوضاع، ولا شغلها القصف الإسرائيلي، بل تحركت منذ اليوم الأول تحت القصف والنار والدخان، تحمل الأدوية والمستلزمات الطبية، تدعم النازحين الذين فقدوا بيوتهم، وتحمل المؤن للمحاصرين، والأدوية للجرحى والمصابين من المدنيين الأبرياء العزل.
كانت قطر الحاضر الأول عندما غاب الكثيرون، واستراحوا على مقاعد المتفرجين الوثيرة، فهذا قدرها أن تكون عونا وسندا وكعبة للمضيوم.
وكما تحركت فرقها الإغاثية، تحركت دبلوماسيتها النشطة في سبيل وضع حد للعدوان، فكانت القاسم المشترك في كل الاتصالات الدولية من أجل العمل على حل يوقف العدوان ويعيد إطلاق المفاوضات في سبيل حل دائم وعادل وشامل.
هذه الدبلوماسية لم تتوقف يوما عن التحرك في سبيل إيجاد حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية، وكانت هذه القضية على الدوام ضمن أولويات السياسة القطرية، على أعلى المستويات، وقد حظيت دوما بالاهتمام الذي تستحقه في خطابات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، خاصة في افتتاح أدوار الانعقاد السنوية لمجلس الشورى، وفي كلمات سموه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وآخرها كلمة سموه أمام الدورة الخامسة والسبعين لاجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أوضح سموه أن السلام العادل والمنشود لا يمكن تحقيقه إلا من خلال التزام إسرائيل التام بمرجعيات وقرارات الشرعية الدولية، والتي قبلها العرب وتقوم عليها مبادرة السلام العربية، فيما تحاول إسرائيل الالتفاف عليها والتصرف كأن قضية فلسطين غير موجودة.
إن أية ترتيبات لا تستند إلى هذه المرجعيات لا تحقق السلام ولو سميت سلامًا، وقد يكون لها غايات أخرى غير الحل العادل لقضية فلسطين، وغير تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم.
هذا الموقف لم يتبدل ولم يتغير في أي وقت وتحت أي ظرف، فقطر على قناعة تامة بأن أي حل منقوص ليس حلا، وأي تسوية مجتزأة ليست تسوية بقدر ما هي وصفة للفوضى والحروب والاقتتال.
إن ما يحدث اليوم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي غزة المحاصرة، يؤكد مدى ما تمتعت به السياسة القطرية من بعد نظر، وهي تدعو، يوما بعد يوم وعاما بعد عام، لحل عادل وشامل، من شأنه وحده نزع فتيل التوتر في هذه المنطقة الهامة من العالم.
وهي تفعل ذلك من منطلق انتمائها لأمتها وإيمانها بقضاياها العادلة، ومن كونها عضوا فاعلا في الأسرة الدولية تريد لها الأمن والسلام والاستقرار.
لذلك.. لم يكن غريبا على الإطلاق هذا التحرك النشط إغاثيا ودبلوماسيا وإعلاميا، فقضية فلسطين هي قضية قطر، وستبقى من أهم قضاياها طالما بقي هذا الشعب رازحا تحت الحصار والاحتلال، وطالما بقي عاجزا عن إقامة دولته المستقلة على حدود العام «1967»، وعاصمتها القدس الشريف.
وبين فرقها الإغاثية ودبلوماسيتها النشطة المؤثرة، كانت «الجزيرة» تنقل للعالم بأسره ما تحاول إسرائيل طمسه، لذلك لم يكن غريبا أن يتعرض «برج الجلاء»، حيث مكاتبها ومكاتب العديد من وسائل الإعلام العالمي، لتدمير وحشي غير مبرر بالمرة، كما لم يكن غريبا أن تقوم القوات الإسرائيلية بقصف وتدمير مكتب الهلال الأحمر القطري بقطاع غزة ومكاتب قناة الجزيرة، في عملية وحشية أسفرت عن استشهاد وجرح عدة فلسطينيين.. لقتل صوت الحقيقة..
ولكن هيهات.. فمهما طال الانتظار.. فالحق يجلب الانتصار..الشعب الفلسطيني غيّر الأمثال والمقولات والمعادلات.. «وما يموت حق وراءه مطالب»
محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول