مهنا الحبيل
باحث عربي مستقل يُمثّل العمق الإسلامي للقضية الفلسطينية جذور إمدادٍ تاريخي، وعمق متصل قادر على التفاعل الفوري كلما مُسّ ضميره الغيور على مقدسات المسلمين، والتي يُمثّل مصطلح الأرض المباركة في فلسطين المحتلة والمسجد الأقصى، عهداً دائماً في ضمير المسلمين، لا يُحبطه حجم الغثائية الضخمة التي عاشها المسلمون طويلاً في حالهم السياسي الداخلي، أو أمام العدو الخارجي منذ الغزو التتري حتى الحروب الصليبية الحديثة وآخرها في العراق 2003، وحتى دورات الزرع الحربي للمشروع الاستيطاني في فلسطين المحتلة.
أي أن عجز المسلمين وداءهم الداخلي، وغياب فكرة العدالة والكفاح لها في مواجهة المستبد، الذي ساهم في تمكّن العدو الخارجي، لا يُلغي أهمية بقاء هذا الوازع والضمير الديني الحي المتفاعل، فالأزمة ليست في تعاطف المسلمين مع فلسطين قضيةً وشعباً، ولكن في ظروفهم السياسية والأخلاقية وتخلفهم الفكري، الذي تلاعب به الاستبداد فاضطهد الشعوب وسهّل دحرجة المشروع الصهيوني، حتى وصل إلى مرحلته الأخيرة، التي بدأ فيها خطته لتهويد القدس المحتلة.
وهي المعركة التي يهزم فيها اليوم، ولكن لا تعني هذه الهزيمة أن تل أبيب خسرت كامل الحرب، وإن كانت انتكاستها مهمة جداً للغاية خاصة في هذه المرحلة، فلا يُقلل من حجم النصر الفلسطيني الذي شرحنا أبعاده سابقاً، لكن الإستراتيجية اليوم، هو في الحفاظ على موقع هذا التقدم، والبناء عليه، عبر ذات المنهجية التي راهن عليها العدو الصهيوني والتي أخذت منه عقوداً منذ وعد بلفور، وقبله منذ تاريخ إنشاء وصناعة الحركة الصهيونية، وجذورها القديمة قبل الحرب النازية المسيحية على اليهود في أوروبا.
وهنا نحن نحتاج أن نتفهّم المشاعر الإسلامية العارمة، ونحترمها ونشكرها، ونسعى لتوضيح منهجية الاعتقاد فيها، هذا كرأي عام، بحيث يُدرك الرأي العام العربي الإسلامي، بأن هذا النصر ليس خطة أيام أو شهورا أو سنة حتى يُستكمل، وتحرر كل فلسطين، وإن آمن الجميع بالوعد في النصر الإلهي لأصحاب الحق في بيت المقدس.
لكن تأويل النصوص غير الصريحة، بتواريخ محددة كان أحد عقبات التفسير الديني الخاطئ، فكم قُدمت تفسيرات عديدة على مر العصور جزمت بمعركة النصر المحددة، وبخروج المهدي أو ما شابهه من قادة متخيلون ليس لدى الشيعة الإمامية فقط، بل حتى عند السُنّة فكانت هباءً منثورا.
وحين تعود لأصول النص القطعية، فلن تجد تلك المحددات الزمانية ولا المكانية، إلا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحتى ورود الفتح والنصر في مواقع يشير لها القرآن الكريم، بأنها ستعقبها معركة أخرى، لا يوجد نص صريح يحدد التاريخ، وهذا يعني بأن معادلة التعبد للمسلمين هي في أخذ الأسباب، وتعزيز القوة الإيمانية في التوكل، التي تأخذ بكل وسيلة ممكنة لمدافعة العدو وتحقيق النصر، وهذا متواترُ المعنى في رحلة النبوة والسيرة.
فهل هذا يعني عدم بعث الأمل والبناءُ على النصر المشهود؟
كلا..
وإنما هو يضبط المشاعر لتكونَ وقوداً حيوياً، لا يُذهِبُ عبادة التعقّل والتدبر لصناعة النصر الأخير، وهو نصرٌ كبيرٌ في ختامه في عودة فلسطين حرة عربية إسلامية، متحدة الأمل مع كل كرامة إنسانية، فتُفهم مراحل المعركة بأنها نصرٌ مرحلي يحتاج لحماية وتثبيت لكي يُبنى عليه، حتى يتحقق ما نظنه موعوداً إلهياً، وهو في تقدير الله عز وجل زمناً ومكاناً وطريقة.
ولا يُستبعد أن يكون من خلال تمزّق الكيان الصهيوني، بتأثير الصناعة الملفقة المزورة لدولته، أو بموجات متتالية في دوراتها، من المقاومة، فلم تكن حسابات التفكك للاتحاد السوفياتي حاضرة، وإن كان البديل الروسي الصليبي القومي العنصري، ظل سيئاً أيضاً على قضايا للمسلمين.
كما أن منهجية الحسم الكلي لمعارك التحرّر، ظلت توضع لها تواريخ نصر مزعومة، ثم تحولت إلى انتكاسات في مناطق كثيرة من حاضر العالم الإسلامي، وهنا في فلسطين المحتلة، تعزيز قناعة الداعم الشعبي لفلسطين مقاومةً أو جهاداً مدنياً، يجب أن توثق لديه، حقيقة أن المعركة تحتاج إلى دوراتها المختلفة، وأن تقوم سياسة المواجهة على التقدم التدريجي بحسب قدرة المدافعة وتوازن التضحية الفدائية، مع حماية دماء الشعب ومصالحه الأساسية، التي تُبقي أرضه ومعهده مستمرة في خطة عقلية، في طريق النصر المرجو وليس ذلك على الله بعزيز.
باحث عربي مستقل يُمثّل العمق الإسلامي للقضية الفلسطينية جذور إمدادٍ تاريخي، وعمق متصل قادر على التفاعل الفوري كلما مُسّ ضميره الغيور على مقدسات المسلمين، والتي يُمثّل مصطلح الأرض المباركة في فلسطين المحتلة والمسجد الأقصى، عهداً دائماً في ضمير المسلمين، لا يُحبطه حجم الغثائية الضخمة التي عاشها المسلمون طويلاً في حالهم السياسي الداخلي، أو أمام العدو الخارجي منذ الغزو التتري حتى الحروب الصليبية الحديثة وآخرها في العراق 2003، وحتى دورات الزرع الحربي للمشروع الاستيطاني في فلسطين المحتلة.
أي أن عجز المسلمين وداءهم الداخلي، وغياب فكرة العدالة والكفاح لها في مواجهة المستبد، الذي ساهم في تمكّن العدو الخارجي، لا يُلغي أهمية بقاء هذا الوازع والضمير الديني الحي المتفاعل، فالأزمة ليست في تعاطف المسلمين مع فلسطين قضيةً وشعباً، ولكن في ظروفهم السياسية والأخلاقية وتخلفهم الفكري، الذي تلاعب به الاستبداد فاضطهد الشعوب وسهّل دحرجة المشروع الصهيوني، حتى وصل إلى مرحلته الأخيرة، التي بدأ فيها خطته لتهويد القدس المحتلة.
وهي المعركة التي يهزم فيها اليوم، ولكن لا تعني هذه الهزيمة أن تل أبيب خسرت كامل الحرب، وإن كانت انتكاستها مهمة جداً للغاية خاصة في هذه المرحلة، فلا يُقلل من حجم النصر الفلسطيني الذي شرحنا أبعاده سابقاً، لكن الإستراتيجية اليوم، هو في الحفاظ على موقع هذا التقدم، والبناء عليه، عبر ذات المنهجية التي راهن عليها العدو الصهيوني والتي أخذت منه عقوداً منذ وعد بلفور، وقبله منذ تاريخ إنشاء وصناعة الحركة الصهيونية، وجذورها القديمة قبل الحرب النازية المسيحية على اليهود في أوروبا.
وهنا نحن نحتاج أن نتفهّم المشاعر الإسلامية العارمة، ونحترمها ونشكرها، ونسعى لتوضيح منهجية الاعتقاد فيها، هذا كرأي عام، بحيث يُدرك الرأي العام العربي الإسلامي، بأن هذا النصر ليس خطة أيام أو شهورا أو سنة حتى يُستكمل، وتحرر كل فلسطين، وإن آمن الجميع بالوعد في النصر الإلهي لأصحاب الحق في بيت المقدس.
لكن تأويل النصوص غير الصريحة، بتواريخ محددة كان أحد عقبات التفسير الديني الخاطئ، فكم قُدمت تفسيرات عديدة على مر العصور جزمت بمعركة النصر المحددة، وبخروج المهدي أو ما شابهه من قادة متخيلون ليس لدى الشيعة الإمامية فقط، بل حتى عند السُنّة فكانت هباءً منثورا.
وحين تعود لأصول النص القطعية، فلن تجد تلك المحددات الزمانية ولا المكانية، إلا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحتى ورود الفتح والنصر في مواقع يشير لها القرآن الكريم، بأنها ستعقبها معركة أخرى، لا يوجد نص صريح يحدد التاريخ، وهذا يعني بأن معادلة التعبد للمسلمين هي في أخذ الأسباب، وتعزيز القوة الإيمانية في التوكل، التي تأخذ بكل وسيلة ممكنة لمدافعة العدو وتحقيق النصر، وهذا متواترُ المعنى في رحلة النبوة والسيرة.
فهل هذا يعني عدم بعث الأمل والبناءُ على النصر المشهود؟
كلا..
وإنما هو يضبط المشاعر لتكونَ وقوداً حيوياً، لا يُذهِبُ عبادة التعقّل والتدبر لصناعة النصر الأخير، وهو نصرٌ كبيرٌ في ختامه في عودة فلسطين حرة عربية إسلامية، متحدة الأمل مع كل كرامة إنسانية، فتُفهم مراحل المعركة بأنها نصرٌ مرحلي يحتاج لحماية وتثبيت لكي يُبنى عليه، حتى يتحقق ما نظنه موعوداً إلهياً، وهو في تقدير الله عز وجل زمناً ومكاناً وطريقة.
ولا يُستبعد أن يكون من خلال تمزّق الكيان الصهيوني، بتأثير الصناعة الملفقة المزورة لدولته، أو بموجات متتالية في دوراتها، من المقاومة، فلم تكن حسابات التفكك للاتحاد السوفياتي حاضرة، وإن كان البديل الروسي الصليبي القومي العنصري، ظل سيئاً أيضاً على قضايا للمسلمين.
كما أن منهجية الحسم الكلي لمعارك التحرّر، ظلت توضع لها تواريخ نصر مزعومة، ثم تحولت إلى انتكاسات في مناطق كثيرة من حاضر العالم الإسلامي، وهنا في فلسطين المحتلة، تعزيز قناعة الداعم الشعبي لفلسطين مقاومةً أو جهاداً مدنياً، يجب أن توثق لديه، حقيقة أن المعركة تحتاج إلى دوراتها المختلفة، وأن تقوم سياسة المواجهة على التقدم التدريجي بحسب قدرة المدافعة وتوازن التضحية الفدائية، مع حماية دماء الشعب ومصالحه الأساسية، التي تُبقي أرضه ومعهده مستمرة في خطة عقلية، في طريق النصر المرجو وليس ذلك على الله بعزيز.