مرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على رجلٍ من الأنصار وهو يعظُ أخاه في الحياء، أي أنه كان يطلبُ منه ألا يكون كثير الحياء.
فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: دعه فإن الحياء لا يأتي إلا بخير!
يخلطُ كثير من الناس بين الحياء والخجل ويعتبرونهما بمعنىً واحد، والحقيقة أن بينهما كما بين السماء والأرض من مسافة! فالحياء خُلق محمود، والخجل خُلق مذموم في أبسط وجوهه، ومرض نفسي، وضعف شخصية في أسوأ وجوهه!
الحياءُ خلقٌ رفيع ناتجٌ عن صلابة في الدين حيث يستحي المرءُ من نظر الله إليه، وأجمل ما قيل فيه: ليس الحياء في خفض الرأس ولا أحمرار الوجه، وإنما الحياء أن لا يجدكَ الله حيثُ نهاكَ ولا يفقدكَ حيثُ أمركَ!
وكذلك ينتج الحياء عن رقة في القلب، وعذوبة في الطبع بحيث يمنع صاحبه من الإساءة إلى الناس ولو بكلمة، فتراه يتذوق كلماته أولاً، ويختارها بدقة خشيةَ أن تجرح أحداً، وكذلك يمنعه الحياء من التقصير بواجباته تجاه الآخرين.
والحياء من خُلق الأنبياء، وفي حديث أبي سعيد الخدري: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئاً عُرفَ ذلكَ في وجهه!
وهو من صفات الله سبحانه، ففي الحديث: إن ربكم حييٌّ كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه بدعوة أن يردهما صفراً ليس فيهما شيء!
والحياء من أخلاق الملائكة، فقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن عثمان بن عفان: ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة!
وهو من شُعب الإيمان، ففي الحديث: الحياء بضعٌ وسبعون شُعبة، والحياء شُعبة من الإيمان!
أما الخجل فهو خُلق مذموم، إذ يشعُر معه الإنسان بالدونية وعقدة النقص تجاه الآخرين، كذلك يشعرُ بالانطوائية لقلة ثقته بنفسه، ومن أقبح وجوهه السكوت عن طلب الإنسان حقه، أو الدفاع عنه، معتقداً بذلك أن هذا هو الحياء، ولكنه في الحقيقة هو الخجل والجُبن!
علينا أن نُفرِّق جيداً بين الحياء والخجل، فنثني على الحياء ونشجعه، ونعالج الخجل ونقضي عليه، وكم من طفل صغير عانى من الخجل ففرح به أبواه، واعتقدوا أنَّ الولد مؤدب فوق اللزوم بينما هو يعاني من مرض خطير سيدمر حياته حين يكبر!
بقلم: أدهم شرقاوي