يعقوب العبيدلي
دخل عليّ وأنا أتصفح بعض المواقع الصحفية للوقوف على حفل تخريج المتفوقات من طالبات جامعة قطر، وبهذه المناسبة نحييهن ونبارك لهن تخرجهن ونتقدم لهن بالتهنئة، دخل عليّ حاملاً بيده كوب الكابتشينو، حياني بتحية الإسلام، وتحية الإسلام السلام، فرددت عليه التحية بأحسن منها، سألته عن الكوب الذي يمسكه بيده، فأجاب إنه الكابتشينو أطيب مشروب، من الصباح للغروب، ودايماً مطلوب، وقال طلبته من «وقته»، فقلت له ضاحكاً، كل شيء حلو في وقته، فأخذ يحتسي رشفات من كوبه «الكشخة»، الذي شد انتباهي، رغم أني كنت غارقاً في الموضوع الذي كنت أقرأه، فاقترب مني مبتسماً وكأن شيئا يجول بخاطره، وعزمني على كوب كابتشينو لذيذ من «وقته» فسألته، ماذا تعني هذه الكلمة وما المقصود من هذه التسمية الغريبة!، فأجاب وثغره يفتر عن ابتسامة مشرقة كعادة (بو عبدالله) وعن بشاشته ووجهه المشرق بنور التواضع والإيمان، وقال لا تستعجل، إن الخميس لقريب، انتظر وسترى، ولن يطول بك الانتظار، وستذوق وتتذوق وتنعم بطعم الكابتشينو «من» وقته «في» وقته، ثم غادرني وهو يرتشف رشفات صغيرة من كوب الكابتشينو الساخن الممزوج برائحة مدينة الخور الجميلة العريقة وأهلها الأخيار الكرماء الخيرين الأطايب، وتركني على موعد مع يوم الخميس، والله يعينني على الانتظار.
أنا من عشاق قهوة الكابتشينو الممزوجة بالحليب، من الوريد إلى الوريد، وعادة أعدها بنفسي في المنزل، وأشربها باستمتاع، تساعدني على الاسترخاء والتأمل، والهدوء والسكينة، وقته «حزته»، وجاء في اللغة، أشغل وقته «استثمره»، أضاع وقته «أهدره»، خص وقته للعمل «كرسه» للعمل، صرف وقته للكتابة «قضاه»، يعيش وقته، يعيش لحظته، وصل في وقته، وصل في وقته المناسب، وقّت الله الصلاة، حدد لها وقتاً، قال الله تعالى : (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) - النساء 103 - ولأهمية هذا الشرط جاء مبينا في الكتاب والسنة (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) - «الإسراء».
وجاءت هذه الأوقات مبينة في السنة النبوية قولا وفعلا بيانا كافيا وافيا شافيا، اللهم اجعلنا من المحافظين على الصلاة في أوقاتها، اللهم ارزقنا الخشوع فيها، وأداءها على الوجه الذي يرضيك عنا، (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء)، ورحم الله قارئاً قال آمين، وعلى الخير والمحبة نلتقي.