خالد وليد محمود
باحث دكتوراه في العلوم السياسية
إنّ المصلحة سواء كانت بين الناس أو بين المؤسسات أو الدول ما هي إلا ركيزة أساسية في العلاقات المختلفة، أو كما تسمى «مصالح مشتركة». والمصلحة هي صخرة تتفتت عليها في أحيان كثيرة كل القيم الإنسانية، ولا شيء يعلو فوق المصلحة، والأخيرة تتنوع حسب طالب الخدمة ولها أشكال وأنواع كثيرة لا أريد الخوض في تفاصيلها وأنماطها.
ما يهمني بهذا المقال تسليط الضوء على «المصلحة السلبية» في العلاقات الاجتماعية والصداقات، فقد يرغب شخص ما بعقد صداقة معك ليس «لسواد عينيك»، بل لمصلحة معينة وقد طغت الأخيرة على كثير من تفاصيل حياتنا وقيمها وجمالياتها، فهناك من يرتبط بصداقات مصالح مع العديد من الأشخاص ممن يستفيد منهم في تسهيل أموره، فكل واحد يجامل الآخر ويدعي صداقته ومحبته، وهذا النمط في التعامل أصبح سائدا حيث باتت العلاقات محكومة بالمصالح فقط.
إنّ أغلب علاقاتنا -يا رعاكم الله- باتت محكومة بالمصالح. فثمة ما تدفعهم المصلحة في الاهتمام بك والتواصل معك، ومتى ما انقضت تلك المصلحة سرعان ما يختفون ولا يسألون عنك إلى أن تستجد لديهم مصلحة جديدة فيبادرون بالتواصل والاعتذار عن القطيعة لمشاغلهم الكثيرة في الدنيا!
يقول جبران خليل جبران: «لا تطلق مسمى صديق على كل عابر يمر في حياتك، حتى لا تقول يوما: الأصدقاء يتغيرون». هذه المقولة تذكرتها وأنا أتابع المعارك الكلامية التي تحدث بين مشاهير عندما تنظر لصورهم القديمة حين كانوا أصدقاء «سمنا على عسل» ستندهش كيف انهار ذلك فجأة وتحول كل طرف إلى عدو يحاول الإجهاز على خصمه وكشف المستور وتشويه صورته والتشهير أمام الملأ.. بعد أن اختلفت المصالح وتغير الخطاب.
كانت قريش تصف سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) قبل البعثة بالصادق الأمين؛ لكن لمّا جاءهم بالحق، وصفته بالكاذب والساحر والمجنون وحاولت قتله.. وعندما كان لإخوة يوسف مصلحة مع أبيهم قالوا: «أخانا»، وعندما انتهت المصلحة قالوا: «ابنك».. فالخطاب يتغير عند الكثيرين عندما تتغير المصالح!