سار النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في ظروف أصعب ما يكون فيها المسير، الحر شديد، والصحراء لظى، والسفر بعيد، والدواب قليل، حتى أن الأربعة كانوا يتناوبون على البعير الواحد!
وتخلَّف في المدينة المنافقون، وبعض مؤمنين مشهود لهم بالإيمان كان منهم كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، وأبو خيثمة!
وبعد مسير النبيِّ صلى الله عليه وسلم بأيام، رجعَ أبو خيثمة إلى بستانه، فوجد فيه زوجتيه، كل واحدةٍ منهما قد هيّأتْ له عريشاً ليجلس فيه، وطيبته، ووضعتْ له الفاكهة والماء البارد ولذيذ الطعام. فنظرَ في هذا المشهد المليء بالراحة والبهجة ثم قال: النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الريح والحر والشمس، وأنا في ظل بارد، وطعام مهيأ، وزوجاتٍ حِسان، ما هذا بالعدل، واللهِ لا أدخل عريش أي منكما، هيئا لي زاداً فإني أريد أن ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم!
ورحل أبو خيثمة يريدُ أن يواسي حبيبه بنفسه، فما أدركه إلا وقد وصل إلى تبوك وعسكر بالجيش، وهو قادم إليهم من بعيد رآه المسلمون ولكنهم لم يعرفوا هويته، فأخبروا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بهذا القادم عليهم، فجعل يقول: كُنْ أبا خيثمة، كُنْ أبا خيثمة!
فلما وصل، قالوا: يا رسول الله هو واللهِ أبو خيثمة.
فأخبره أبو خيثمة بسبب لحاقه به، وكيف لم تطب نفسه أن يجلس في بستانه بين زوجتيه والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يُقاسي الحر والشمس، فدعا له النبيُّ صلى الله عليه وسلم بخير!
إلى هذا الحد كانوا يحبونه، لا تطيب نفس أحدهم أن يأكل ثمراً ناضجاً، ويشرب ماءً بارداً، ويجالس زوجة وضيئة، وهو في وعثاء السفر، لهذا إن قيل لكم إنَّ الصُّحبة اصطفاء كالنبوة فصدِّقوا!
العاقل يعرفُ نفسيات الناس الذين يعاشرهم، من تعامله معهم يعرف ماذا يمكن أن يفعلوا، وماذا يمكن ألا يفعلوا، وما قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم لهذا القادم من بعيد: كُنْ أبا خيثمة، فكان أبا خيثمة، إلا من ذكائه ومعرفته بطبائع الرجال، فاحفظوا الإشارات جيداً، وتأملوا في التصرفات تقل خيباتكم في الناس!
هناك دوماً فرصة لتصحيح الخطأ، وأن تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبداً، وأن تكون ذَنَباً في الحق خير لكَ من أن تكون رأساً في الباطل! فلا تخجل من الالتحاق بصفوف الحق إن سبقكَ الناس إليه، فالحقُّ ليس له آخر، المهم أن تكون فيه، لحظة صدق مع النفس، لحظة إيمان حارٍ وصادقٍ، نقلتْ أبا خيثمة من صفوف الخوالف عن غزوة تبوك، إلى صف شريف، ووسام نبوي شريف: كُنْ أبا خيثمة!بقلم: أدهم شرقاوي
وتخلَّف في المدينة المنافقون، وبعض مؤمنين مشهود لهم بالإيمان كان منهم كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، وأبو خيثمة!
وبعد مسير النبيِّ صلى الله عليه وسلم بأيام، رجعَ أبو خيثمة إلى بستانه، فوجد فيه زوجتيه، كل واحدةٍ منهما قد هيّأتْ له عريشاً ليجلس فيه، وطيبته، ووضعتْ له الفاكهة والماء البارد ولذيذ الطعام. فنظرَ في هذا المشهد المليء بالراحة والبهجة ثم قال: النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الريح والحر والشمس، وأنا في ظل بارد، وطعام مهيأ، وزوجاتٍ حِسان، ما هذا بالعدل، واللهِ لا أدخل عريش أي منكما، هيئا لي زاداً فإني أريد أن ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم!
ورحل أبو خيثمة يريدُ أن يواسي حبيبه بنفسه، فما أدركه إلا وقد وصل إلى تبوك وعسكر بالجيش، وهو قادم إليهم من بعيد رآه المسلمون ولكنهم لم يعرفوا هويته، فأخبروا النبيَّ صلى الله عليه وسلم بهذا القادم عليهم، فجعل يقول: كُنْ أبا خيثمة، كُنْ أبا خيثمة!
فلما وصل، قالوا: يا رسول الله هو واللهِ أبو خيثمة.
فأخبره أبو خيثمة بسبب لحاقه به، وكيف لم تطب نفسه أن يجلس في بستانه بين زوجتيه والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يُقاسي الحر والشمس، فدعا له النبيُّ صلى الله عليه وسلم بخير!
إلى هذا الحد كانوا يحبونه، لا تطيب نفس أحدهم أن يأكل ثمراً ناضجاً، ويشرب ماءً بارداً، ويجالس زوجة وضيئة، وهو في وعثاء السفر، لهذا إن قيل لكم إنَّ الصُّحبة اصطفاء كالنبوة فصدِّقوا!
العاقل يعرفُ نفسيات الناس الذين يعاشرهم، من تعامله معهم يعرف ماذا يمكن أن يفعلوا، وماذا يمكن ألا يفعلوا، وما قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم لهذا القادم من بعيد: كُنْ أبا خيثمة، فكان أبا خيثمة، إلا من ذكائه ومعرفته بطبائع الرجال، فاحفظوا الإشارات جيداً، وتأملوا في التصرفات تقل خيباتكم في الناس!
هناك دوماً فرصة لتصحيح الخطأ، وأن تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبداً، وأن تكون ذَنَباً في الحق خير لكَ من أن تكون رأساً في الباطل! فلا تخجل من الالتحاق بصفوف الحق إن سبقكَ الناس إليه، فالحقُّ ليس له آخر، المهم أن تكون فيه، لحظة صدق مع النفس، لحظة إيمان حارٍ وصادقٍ، نقلتْ أبا خيثمة من صفوف الخوالف عن غزوة تبوك، إلى صف شريف، ووسام نبوي شريف: كُنْ أبا خيثمة!بقلم: أدهم شرقاوي