أدهم شرقاوي
لما أسلمَ عمر بن الخطاب لم تعلم قريشُ بإسلامه، وعمر لا يفعلُ شيئاً في الخفاء، فقال: أي أهل مكة أنشأ للحديث؟/ أي ينقل الأخبار
فقالوا: جميل بن معمر الجمحي
فذهبَ إليه عمر وقال له: يا جميل إني قد أسلمتُ
فما ردَّ عليه جميل كلمةً، وإنما قام مسرعاً عند الكعبة ونادى: يا معشر قريش إن ابن الخطاب قد صبأ!
فقال عمر: كذبَ، ولكني أسلمتُ وآمنتُ بالله، وصدَّقتُ رسوله
فأخذوا يضربونه ويضربهم، حتى تعبَ عمر وجلسَ، فقاموا عند رأسه فقال لهم: افعلوا ما بدا لكم، فواللهِ لو كنا ثلاثمائة رجل لقد تركتموها لنا أو تركناها لكم!
فبينما هم كذلك جاء العاص بن وائل فقال: ما بالكم؟
قالوا: إنَّ ابن الخطاب قد صبأ!
فقال: امرؤ اختار ديناً لنفسه، أفتظنون أنَّ بني عدي تُسلم إليكم صاحبهم؟
ففرَّج الله عن عُمر بقول العاص بن وائل وتركوه!
لا تخجل بالهداية بعد ضلال، وارفعْ رأسكَ عالياً بوصل اللهِ لكَ بعد انقطاعكَ عنه، لماذا على الفتاة إذا كانت على غير حجاب خرجتْ في كامل زينتها وإذا هداها الله ستخجل بلباسها المحتشم، من لم يكن يخجل وهو على معصية فالأولى أن يرفع رأسه عالياً وهو على طاعة!
ولماذا على الشاب إذا كان لاهياً عابثاً، عاشَ لهوه وعبثه على رؤوس الأشهاد، ثم إذا ردَّه الله إليه سيخجل بسيره إلى المسجد، ومسابقته في حلق العلم وتحفيظ القرآن!
إنَّ من الأبواب التي يأتي بها الشيطان إلى من هداه الله في أول هدايته هو أن يقول له: أما تخجل من ماضيك؟! ماذا سيقول الناس، شارب خمر البارحة في المسجد اليوم؟! متزينة متعطرة البارحة وفي الحجاب اليوم؟
التوبة تجبُّ ما قبلها، وإن من تمام التوبة أن يُقبل العبدُ على الطاعة بفخرٍ تماماً كما كان في المعصية بفخر!
ثم إذا جاءك الشيطان من باب ماذا سيقول الناس؟ فأجبه وكيف كان الصحابة رضوان الله عليهم قبل أن تسطع في قلوبهم شمسُ الهداية، منهم من شربَ الخمر، ومنهم من سجدَ لصنم، ومنهم من أكل الربا، ولم يكن أحدهم يخجل أن يتحوَّل كل هذا التحول، كان يفاخر أمام قريش كلها، ولا يخجل بدينه، ولا يحسبُ حساباً لتعيير الناس!