من المؤسف أن تكون مؤسسات العمل العربي المشترك، وعلى رأسها جامعة الدول العربية، عاجزة عن إيجاد حلول للمشكلات العميقة التي يعاني منها العالم العربي، ليس لعيب فيها، وإنما بسبب الدول الأعضاء التي أرادت لهذه المؤسسات أن تكون كما هي عليه اليوم.
من أخطر ما كرسته الدول العربية في علاقاتها، خلط السياسي بكل شأن آخر، في حين أن التجمعات الإقليمية الأخرى استطاعت أن تنأى بنفسها عن ذلك، فاستمر التعاون بين الدول والشعوب قائما، حتى في أسوأ حالات الخلافات السياسية.
وجود جامعة الدول العربية ضرورة باعتبارها البيت الجامع للأمة العربية، رغم أنها لم تقم بالدور الذي يتمناه كل عربي، فمنذ أن تأسست الجامعة أقرت ووقَّعت اتفاقيات عديدة لتعزيز للعمل العربي المشترك، بدءا باتفاقية الدفاع العربي المشترك لحماية الدول من العدوان الخارجي، كما أن هناك العديد من اتفاقيات العمل العربي المشترك سواء بمجالات التكنولوجيا والاتصالات والتجارة والصناعة والأمن والتنقل وغيرها، لكن للأسف لم يتم تفعيل أي منها، ورغم أنها بيت الوحدة العربية إلا أن الجامعة كانت مسرحًا للتناقضات السياسية، فصارت كل قراراتها رهينه التجاذبات السياسية والأيديولوجية بين القادة العرب، فالخلافات السياسية انهكت الجامعة وشلت قدرتها على تنفيذ أي من قراراتها.
هذه الصورة ليست جديدة وإن كان استدعاؤها اليوم يبدو ملحا وضروريا في خضم ما تواجهه الدول العربية من تحديات لا يمكن التوصل إلى حلول لها إلا عبر العمل الجماعي، وبطبيعة الحال فإن التحديات لا تتعلق بالأحوال الاقتصادية والمعيشية، على أهميتها، ولكن بوجود مخاطر تتهدد الأمن القومي العربي ككل وسط حالة من الانقسامات الخطيرة.
هذا الوضع لم يشهده العالم العربي سابقا، وإذا كان هناك متسع من الوقت لتدارك ما يمكن أن ينجم عنه، إلا أن هذا الوقت، أو هذه الفرصة، تتآكل بصورة سريعة وما لم يدرك العرب جميعا أن وجودهم في خطر حقيقي فإنه لن يكون في مقدورهم درء المخاطر التي تتهددهم على الإطلاق، خاصة أنهم جربوا الاعتماد على الخارج والذي لم يجلب لهم سوى المزيد من المشكلات.
بقلم: رأي الوطن