+ A
A -
كان دأبُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أن يُفهم الناس أن الدنيا مزرعة الآخرة، فحدَّث الصحابة يوماً فقال: أُتيَ اللهُ تعالى بعبدٍ من عباده آتاه الله مالاً، فقال له: ماذا عملتَ في الدُّنيا؟
قال: يارب آتيتني مالكَ فكنتُ أُبايع الناس، وكان من خُلقي الجواز، فكنتُ أتيسَّرُ على الموسر، وأنظرُ المُعسر.
فقال الله تعالى: أنا أحقُّ بذلك منك، تجاوزوا عن عبدي!
المعادلة بسيطة: اُنظُرْ إلى الخُلُقِ الذي تُحبُّ أن يعاملكَ اللهُ به، وعامِلْ أنتَ عباده به!
فهذا رجل ثري، كان يعملُ بالتجارة، وكان سمحاً ليناً، فإن كان المشتري منه ميسوراً تلطَّفَ به، وعامله بالحسنى، وربما أنقصَ له من السعر أيضاً، فقلل ربحه وعدَّ ذلك صدقةً خفيةً يحتسبها عند الله! وإن كان المشتري مُعسراً، أعطاه البضاعة إلى أجل، فإذا كان وقت السداد، ولم يجد الرجل مالاً ليدفع له، مدد الأجل له، أو ربما سامحه، فلما لقيَ الله تعالى، عامله سبحانه بالخلق الذي كان يُعامل به الناس!
إذا أحببتَ أن يسترَ اللهُ عليكَ ذنوبك في الدنيا والآخرة، فاسترْ أنتَ على الناس، فمن ستر سُتر، ومن فضحَ فُضح!
إذا أحببتَ أن يعاملكَ اللهُ باللين فَلِنْ أنتَ لخلقه، إصفحْ عن خطأ زوجتك، وأَقِلْ عثرة أبنك، وذِلَّ لوالديكَ، كُن الجار السمح يكُن لكَ الربُّ السمح، وكُن لأقاربك الواصل تجد رباً لا يقطعك، لا أحد أوفى من الله!
إذا أحببتَ أن تجد يداً تنتشلك عندما تتعثر فمدَّ يدك للمتعثرين، فالزمن دوَّار وكل ساقٍ سيُسقى بما سقى!
إذا أردتَ أن يُصلح اللهُ ما بينك وبينه فأصلحْ أنتَ ما بين خلقه، خلاف أخوين قُلْ فيه كلمةً طيبة، وشجار زوجين قريبين لكَ بادرْ له مبادرةً حُلوة!
إذا أحببتَ أن تلقى غداً رباً شاكراً فكُن شاكراً لعباده، قدّرْ كل معروفٍ يُسدى إليك، في شجارٍ زوجي تذكرْ لها معروفها السَّابق ووقوفها معكَ، وفي مرض أبوين عند الكبر تذكَّرْ تلك التي حملتكَ في بطنها وهناً على وهن، وحُرمتْ لأجلكَ النوم رضيعاً، وربتكَ شبراً شبراً حتى بلغتَ أشدَّك. وذاك الأب الذي شقيَ لأجل لقمة تأكلها، وثوب تلبسه، ودواء ينتشلكَ من مرضٍ، ودفتر تكتبُ عليه صغيراً، وجامعة تطأ أعتابها كبيراً!
احفظْ للصديق معروفه، وللجار موقفه الجميل، وللأخ ذكريات الطفولة الحلوة، ولرب العمل إحسانه معك، للزميل مساعدته لك، لا تجعلْ ساعة خصومة تهدم عُمراً من المودة!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
29/06/2021
2945