+ A
A -
يعقوب العبيدلي
ثقافة الاعتذار تنم عن شوق للطرف الآخر وذوق، تعامل سحري فوق العادة يعمق العلاقات، ويذيب الجليد بين الزملاء والأخوة والمحبين، ثقافة الاعتذار حب وعرفان بالجميل للطرف الآخر، كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، لسنا معصومين من الخطأ، نخطئ في ظنوننا في انفعالاتنا وتصرفاتنا وأقوالنا وغفلتنا وغيرها من أشياء لأننا بشر، للاعتذار نكهة وطعم وجمال، هنيئاً لمن يتذوقه.
الاعتذار ليس فيه – كما يظن البعض – الإقلال من شأن سلف أو خلف، أو (س) أو (ص) الاعتذار مراجعة للنفس، والأفعال والأقوال والكتابات والتصرفات، هو وقفة صريحة مع النفس تستوجب الاعتذار إذا ثبت الخطأ، ثقافة الاعتذار أراها شجاعة ونظافة وحسن تدبير، تديم العلاقات، ونوع من تحمل المسؤوليات، لتطويق الخلافات والتراكمات، من سوء النهايات، ثقافة الاعتذار تحتاج نضج بالتفكير والشخصية والتقدير، تحتاج حس وتفهم وحماس لاستمرار العلاقات بحب ونقاء واحترام وتقدير.
ثقافة الاعتذار تجعل الأمور ميسرة كل اليسر، والزعل والخلافات والبيروقراطيات والظنون التي لا تنتهي تعقدها وتميتها، ثقافة الاعتذار تظللنا بدفئها بجوّها الآسر، تلغي الحواجز النفسية السميكة، والتعقيدات الأسطورية المتخلفة، وتعيدنا أشقاء أحباب أعزاء، ثقافة الاعتذار ممكن أن نتعلمها من منطلق «الحلم بالتحلم» و«العلم بالتعلم» ولو كانت تتملكك كل عقد الدنيا، ثقافة الاعتذار خص بها بعض الناس دون البعض الآخر، ولكن من الضروري أن نتعلمها ونمارسها على كل المستويات حتى تدوم المحبة والود ويسود الانسجام والدفء في العلاقات، بدل الزعل والخصام ووضع «بلوكّات» على بعض، وكأننا صغار في رياض الأطفال، أو الفرجان، الأزمة في العلاقات السياسية بين الدول العربية والاقليمية، والاجتماعية، والأسرية والزوجية، والأخوة والزملاء سببه عدم القدرة على الاعتذار عندما يرتكب خطأ، لأي سبب كان، هذه هي معضلتنا الكبرى في الوطن العربي، الاعتذار أمر إيجابي، يأتي من خلال الحوار والنقاش، والاعتراف بين الطرفين أسمى أشكال الاعتذار، الاعتذار لا يتطلب إلا موقف وكلمة حب صادقة، وهمسة رقيقة، ووردة طبيعية تعيد الحياة المشرقة، وتمنح إحساساً بالحب والدفء يضعها أحدهم على وسادته بدل الزعل والفتور وفقدان المشاعر، الاعتذار ذكاء وفطنة، إنه تصالح مع الذات، وتقدير للآخر، إن ثقافة «البلوك» و«الحظر» والكبر – بكسر الكاف وتسكين الباء وكسر الراء - والاستعراض بالقوة ثقافة كارثية تقود إلى النهايات، إن الخلافات منعطفات علاجها ثقافة الاعتذار، وأساسها الحب والتقدير والمودة والرحمة، مارسوا ثقافة الاعتذار حتى تتدفق دماء الحب في الأوردة والشرايين من جديد، وعلى الخير والمحبة نلتقي.
copy short url   نسخ
01/07/2021
3397