فاكهة الصيف

يعقوب العبيدلي
الرطب فاكهة وديعة عند الأكل، سلسة في الحلقوم، يقولون في اللغة رطب الشيء صار ناضجاً، حلا وصار لذيذاً، والرطب قبل مرحلة التمر، قال تعالى في سورة مريم: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) في اللغة العربية رطب الشيء ابتل صار سهلاً ليناً ناعماً، والرطب عكس اليابس، والصيف وقت الرطب، وقطر غنية بفاكهة الرطب بأنواعه، وموسم القيظ والحر يزخر بالحكايات الجميلة والمؤثرة عن الرطب، لكون الإنسان القطري تربطه علاقة وطيدة بالنخلة فهي جزء من منظومة حياته، ويعيش معها من البدايات حتى النهايات، علاقة حب وارتباط وثيق، هذه الأيام أيام الرطب وموسمه، موسم تتناقله الأجيال وتتوارثه جيلا بعد جيل، موسم يحمل معه مضامين اجتماعية، وتفاعلا رمزيا منغرسا في حب هذه الفاكهة، التي تمنحك الطاقة، والرؤية الإيجابية التفاؤلية للحياة على الرغم من الحر وسوء الأحوال الجوية، ارتبط موسم الرطب بموسم القيظ، وهو رحلة البحث عن البرودة والطقس المعتدل واللذة حيث توجد ظلال النخيل الوارفة وجداول الماء وما لذ وطاب من الرطب ما جعله موسما حيويا يزخر بالحراك الاجتماعي والمد الثقافي، وربما تغير هذا المفهوم في العصر الحديث بعدما وجدت المراكز التجارية الباردة، ولكن رغم كل شيء يظل الرطب تاج الموائد ورمز الكرم والضيافة التي لا تكتمل إلا بتقديمه مع القهوة في هذا الوقت من العام.
وعلى الرغم من التحولات الاجتماعية التي طرأت بسبب أو لآخر فإن الرطب في قطر - أبشركم - كثير وفير، عطاء وتراث يأبى النسيان وفاكهة اجتماعية واقتصادية سنوية يترقبها الجميع بشغف، للنخلة مكانة متميزة وهي إرث ومصدر فخر واعتزاز منذ القدم وإلى اليوم، ارتباط وثيق بين الإنسان القطري والنخلة، البيوت عامرة بالنخل ولا تخلو سفرة قطرية من الرطب وفاكهة الرطب، حبها متجذر في قلب كل مواطن قطري، وفي قلب كل عاشق مستهام بالجمال والتعدد والتنوّع واللذائذ الرطب بأنواعه رفيقنا وحبيبنا في أيام الشدة وفي أيام الرخاء، في الحل والترحال، في الديار وفي الأسفار موسم الرطب موسم للفرح، والمعارض التي تقام لبيعه تحت رعاية وزارة البلدية والبيئة، رواج وحركة مع هذه الفاكهة.
ما أجمل تناول الرطب مع من تحب تحت ظلال النخيل، وتتذوق ما لذ وطاب، وأنت تردد قول الشاعر، هيفاء باسقة القوام وديعة.. وأنا وأنت نهيم بالهيفاء، وعليكم بالعافية، وعلى الخير والمحبة نلتقي.