+ A
A -
عندما عزمَ أبو سلمة على الهجرة إلى المدينة، ركبَ على بعير وأركبَ زوجته أم سلمة وابنه سلمة على بعير، فلما كانوا على مشارف مكة، جاء بنو مخزوم قوم أم سلمة وقالوا له: هذه نفسك غلبتنا عليها، أما زوجتك فلا نتركك تهاجر بها!
فأخذوها منه، ومضى أبو سلمة مهاجراً! وليزداد الطين بلة جاء قوم أبي سلمة إلى بني مخزوم وقالوا لهم: لا نترك ابننا عندكم، فأخذوه من أمه! وهكذا صارت أم سلمة بلا زوج ولا ابن!
وبقيت على هذه الحال سنة كاملة، تخرج كل يوم وحيدة إلى مشارف مكة، وتبكي فراق زوجها وابنها، إلى أن مرَّ بها أحد أولاد عمومتها فرقَّ لحالها، وقال لقومه: ما لكم ولهذه المسكينة فرَّقتم بينها وبين زوجها وولدها!
فقالوا لها: الحقي بزوجكِ إن شئتِ.
وأعاد لها أهل أبي سلمة ابنها.. فركبتْ بعيرها، وأخذت ابنها في حجرها، وانطلقتْ تريدُ المدينة، فلما كانت بالتنعيم على مشارف مكة لقيها عثمان بن طلحة وهو مشرك فقال لها: إلى أين يا أم سلمة؟
فقالتْ: إلى زوجي في المدينة
فقال: أوَمَا معكِ أحد؟
فقالتْ: لا واللهِ، إلا اللهَ وابني هذا
فقال: ما لكِ من متركِ أي لا أترككِ حتى أوصلكِ
فأخذ بخطام بعيرها يقوده إلى المدينة، فكان إذا أراد أن يجعلها تنزل لتستريح أناخ البعير، ثم ابتعد عنها لتنزل، وإذا أراد أن يمضي أناخ البعير لها مجدداً، ثم ابتعدَ عنها، فإذا ركبت جاء وأخذ بخطام البعير، ومشى بها، فلم يزل يصنع هذا حتى أوصلها إلى مشارف المدينة قال لها: إن زوجكِ في هذه القرية فادخلي على بركة الله، وعادَ أدراجه إلى مكة!
علينا أن لا نأخذ الناس جملةً واحدة، فكما أن المسلمين ليسوا سواءً وقد اجتمعوا على لا إله إلا الله، فمن باب أولى أن غير المسلمين ليسوا سواءً وقد تفرقوا عنها!
الذين منعوا أم سلمة من الهجرة كانوا مشركين، والذي رقَّ لحالها وطلبَ من قومها أن لا يمنعوها من اللحاق بزوجها كان مشركاً أيضاً، كانوا في الشرك سواء لكنهم تمايزوا في الأخلاق!
والذين أخذوا منها ابنها كانوا مشركين، وعثمان بن طلحة الذي أوصلها إلى المدينة كان مشركاً أيضاً، ولكن شتَّان بين هذا وأولئك!
الكافر الذي يحتل أرضكَ، ويقتل قومكَ شيء، والكافر الذي لم يمسَّك بسوء شيءٌ آخر، علينا أن نُفرِّق بين الفريقين جيداً، وأن نتعامل على هذا الأساس، أما استعداء كل الناس فمن الحمقِ، وقلة التدبير، وخطأ قراءة الواقع!
الدول الاستعمارية الملطخة أيديها بدماء المسلمين شيء، والدول الأخرى المسالمة التي لم تمسهم بسوءٍ شيء آخر، وضع الجميع في كفة واحدة استقطاب لمزيد من الأعداء بالمجان!بقلم: أدهم شرقاوي
فأخذوها منه، ومضى أبو سلمة مهاجراً! وليزداد الطين بلة جاء قوم أبي سلمة إلى بني مخزوم وقالوا لهم: لا نترك ابننا عندكم، فأخذوه من أمه! وهكذا صارت أم سلمة بلا زوج ولا ابن!
وبقيت على هذه الحال سنة كاملة، تخرج كل يوم وحيدة إلى مشارف مكة، وتبكي فراق زوجها وابنها، إلى أن مرَّ بها أحد أولاد عمومتها فرقَّ لحالها، وقال لقومه: ما لكم ولهذه المسكينة فرَّقتم بينها وبين زوجها وولدها!
فقالوا لها: الحقي بزوجكِ إن شئتِ.
وأعاد لها أهل أبي سلمة ابنها.. فركبتْ بعيرها، وأخذت ابنها في حجرها، وانطلقتْ تريدُ المدينة، فلما كانت بالتنعيم على مشارف مكة لقيها عثمان بن طلحة وهو مشرك فقال لها: إلى أين يا أم سلمة؟
فقالتْ: إلى زوجي في المدينة
فقال: أوَمَا معكِ أحد؟
فقالتْ: لا واللهِ، إلا اللهَ وابني هذا
فقال: ما لكِ من متركِ أي لا أترككِ حتى أوصلكِ
فأخذ بخطام بعيرها يقوده إلى المدينة، فكان إذا أراد أن يجعلها تنزل لتستريح أناخ البعير، ثم ابتعد عنها لتنزل، وإذا أراد أن يمضي أناخ البعير لها مجدداً، ثم ابتعدَ عنها، فإذا ركبت جاء وأخذ بخطام البعير، ومشى بها، فلم يزل يصنع هذا حتى أوصلها إلى مشارف المدينة قال لها: إن زوجكِ في هذه القرية فادخلي على بركة الله، وعادَ أدراجه إلى مكة!
علينا أن لا نأخذ الناس جملةً واحدة، فكما أن المسلمين ليسوا سواءً وقد اجتمعوا على لا إله إلا الله، فمن باب أولى أن غير المسلمين ليسوا سواءً وقد تفرقوا عنها!
الذين منعوا أم سلمة من الهجرة كانوا مشركين، والذي رقَّ لحالها وطلبَ من قومها أن لا يمنعوها من اللحاق بزوجها كان مشركاً أيضاً، كانوا في الشرك سواء لكنهم تمايزوا في الأخلاق!
والذين أخذوا منها ابنها كانوا مشركين، وعثمان بن طلحة الذي أوصلها إلى المدينة كان مشركاً أيضاً، ولكن شتَّان بين هذا وأولئك!
الكافر الذي يحتل أرضكَ، ويقتل قومكَ شيء، والكافر الذي لم يمسَّك بسوء شيءٌ آخر، علينا أن نُفرِّق بين الفريقين جيداً، وأن نتعامل على هذا الأساس، أما استعداء كل الناس فمن الحمقِ، وقلة التدبير، وخطأ قراءة الواقع!
الدول الاستعمارية الملطخة أيديها بدماء المسلمين شيء، والدول الأخرى المسالمة التي لم تمسهم بسوءٍ شيء آخر، وضع الجميع في كفة واحدة استقطاب لمزيد من الأعداء بالمجان!بقلم: أدهم شرقاوي