يعقوب العبيدلي
في جلسة أخوية جمعتنا من قريب مع «بو سعد» و«بوعبدالله» و«بو ناصر»، وكلنا طرح ما عنده وحلل الظروف والصروف والحتوف، ووضع النقاط فوق وتحت الحروف، خرجنا في المحصلة النهائية، بأننا في الواقع والحاصل يا «بو ناصر» الحيل قاصر، جلّنا يشتكي التعب والوجع، وقلة الحيلة، والحيل مهدود، لا يمر علينا يوم إلا ونشعر فيه بالهم والحزن، والعجز والكسل، وقد استعاذ الرسول صلى الله عليه وسلم منها حيث قال: «اللهم إني أعوذ بك مِن الهم والحَزن، والعَجْز والكسَل، والبُخل والجُبن، ومن غلبة الدين وقهر الرجال» إن التعب والحزن لا بد أن يُصِيبا العَبدَ في الدنيا، والمنغصات لا بد أن تواجه الإنسان في الحياة، وَأَنَّ الدُّنيَا لَيسَت دَارِ سَعَادَةٍ كَامِلَة، وَلا يَذُوق فِيهَا العَبد رَاحَةً تَامَّةً، نَالَ مَا نَالَ مِن مَالٍ، أَو حَصَّلَ مَا حَصَّل مِن زِينَة وَمَتَاع وزواج وأبراج، أَو وَصَلَ إِلى مَا وَصَلَ إِلَيه مِن جَاه أَو حَسَبٍ، أو مسميات أو مقويات، لا مَنَاصَ مِنَ التَّعَب وَالنَّصَب (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ) التعب «والويّع» ديدن الحياة الدنيا، هذه هي حقيقة الحال، البعض لا يعرف إلا التذمر والسخط والشكوى، لأنه على الدوام متعب خائر القوى، لا يرى الدنيا إلا من «قض» أو فتحة الإبرة، إن الاحتواء والرعاية والاهتمام والطبطبة ضرورية لمثل هذه العينات المتعبة المنهكة، لأنها لا تعيش حياتها صح، لا يمكن للإنسان في نظرته السوداوية للحياة أن يجد السعادة الحقيقية، والأنس الجميل، السعادة لا تأتي للشخص على قدميها لتُلقي بنفسها بين أحضانه، السعادة صناعة، اصنعها بنفسك، حتى تكون راضياً لا تبق رهن تعاستك ووجعك وخيالاتك، لا تربط سعادتك بأحد، بشيء مؤقت، منصب أو كرسي، مسمى وظيفي، السعادة قرار نتخذه بأنفسنا.
ومهما كانت الضوضاء حولنا فالصوت في داخلنا هو الأقوى، فلو توقفنا عند الصدمة الأولى التي سببت لنا الكثير من الألم والأسى لمتنا واندثرنا وذهبت ريحنا، لا تستسلم للمنغصات والهم والشقاء، لا تحرم الناس والزملاء من ابتسامتك وروحك الحلوة، لملم شتات نفسك وشق طريقك نحو التميز والنجاح، من كان مع الله كان الله معه، حسن علاقتك مع ذاتك، وازن في علاقاتك، فالحياة جميلة، وجمالها بأطيافها الزاهية، لذا تذكر دائماً وأبداً أن سعادتك بيدك أنت وهي مسؤوليتك وليست بيد غيرك، غير نظرتك للحياة حتى تعيش سعيداً قانعاً راضياً، إن السعادة قرار، والتعاسة قرار، قرر من اللحظة أن تكون سعيداً وستكون، رغم أن الشباب والقوة والصحة واللياقة نقصت وقلت وتدنت وداهمنا المشيب والضعف والمرض، وصرنا نردد قول الشاعر أو ما معناه «يا ركبتي يا للي مريضة عظامها، ولا ندري هالسنة وشعلامها»، وصاج من قال «راعي الأمراض ما له حيله» نسأل الله أن يديم علينا النعمة والخير والعافية، ويجنبنا سيئ الأسقام، ودرك الشقاء، وكل بلاء ووباء، والحمد لله على كل حال، ورحم الله قارئاً قال: آمين. وعلى الخير والمحبة نلتقي.