+ A
A -
أُغلق قوس الانتخابات الإقليمية في فرنسا مؤخرا دون مفاجآت تُذكر فقد حافظ المشهد الانتخابي على توزيع الكتل السياسية بشكل لا يختلف عما كان عليه من قبل. هذا بشكل عام لكنّ عددا من التفاصيل والجزئيات تبقى مؤشرا على اتجاهات المشهد خاصة في المدّة السابقة للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها السنة المقبلة.
لم يتغير رؤساء الأقاليم تقريبا في كل المقاطعات الفرنسية باستثناء بعض الأقاليم غير المؤثرة مثل مقاطعة لارينيون البعيدة ولم ينجح حزب الرئيس الفرنسي «الجمهورية إلى الأمام» في الحصول على إقليم واحد رغم عدد وزراء الحكومة الذين تمّ الدفع بهم لخوض هذه الانتخابات. في نفس السياق مُني حزب «التجمع الوطني» وهو الاسم الجديدة لحزب «الجبهة الوطنية» بقيادة «مارين لوبان» بهزيمة ساحقة ولم يفز بأي إقليم يذكر.
لكنّ الفائز الأكبر في هذه الانتخابات هو المقاطعة، فقد سجلت فرنسا رقما قياسيا تاريخيا في نسبة المقاطعة التي بلغت في الدورين الأول والثاني حولي 67 في المائة من أصوات المسجلين على قوائم الناخبين. هذه النتيجة هي أكثر النتائج خطرا على المسار السياسي حسب كثير من الملاحظين الذين يرون فيها مؤشرا خطيرا على حجم الهوّة بين السلطة السياسية والجمهور.
صحيح أنّ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي ضربت فرنسا بسبب الجائحة كان لها عظيم الأثر على تراجع ثقة الشعب في قيادته السياسية لكنّ ضعف أداء الطبقة السياسية في مواجهة الجائحة كان له أثر خطير. لا ننسى أيضا أنّ الأزمة الاجتماعية في فرنسا كانت سابقة للجائحة فيما عُرف باحتجاجات السترات الصفراء وهو ما جعل من الجائحة موجة معمِّقة لأزمات سابقة.
أمام هذا المشهد الجديد تتساوى حظوظ الفرقاء السياسيين يمينا ويسارا، وهو الأمر الذي سيدفع بالقوى السياسية إلى مراجعات عميقة تتعلّق بخططها التواصلية وبرامجها السياسية في المرحلة القادمة من أجل منع الانزلاق نحو فراغ سياسي خطير. إنّ خوف النخب السياسية الفرنسية إنما يتمثل في جهلهم باتجاهات الكتلة الصامتة التي امتنعت عن التصويت، فهم لا يعلمون كيف ستعبر هذه المجموعة الانتخابية الحاسمة عن خياراتها وتوجهاتها في المواعيد الانتخابية المستقبلية.
يؤكد اليمين المتطرّف على أنّ خزانه الانتخابي لم يتفاعل بشكل إيجابي مع هذا الموعد السياسي، إلا أنه سيكون حاضرا وبقوّة في المواعيد القادمة، وهو نفس التأويل الذي ذهبت إليه أغلب كتل اليمين بما فيها كتلة الرئيس ماكرون رغم الشكوك الكبيرة التي تحوم حول هذه القراءة.بقلم: محمد هنيد
لم يتغير رؤساء الأقاليم تقريبا في كل المقاطعات الفرنسية باستثناء بعض الأقاليم غير المؤثرة مثل مقاطعة لارينيون البعيدة ولم ينجح حزب الرئيس الفرنسي «الجمهورية إلى الأمام» في الحصول على إقليم واحد رغم عدد وزراء الحكومة الذين تمّ الدفع بهم لخوض هذه الانتخابات. في نفس السياق مُني حزب «التجمع الوطني» وهو الاسم الجديدة لحزب «الجبهة الوطنية» بقيادة «مارين لوبان» بهزيمة ساحقة ولم يفز بأي إقليم يذكر.
لكنّ الفائز الأكبر في هذه الانتخابات هو المقاطعة، فقد سجلت فرنسا رقما قياسيا تاريخيا في نسبة المقاطعة التي بلغت في الدورين الأول والثاني حولي 67 في المائة من أصوات المسجلين على قوائم الناخبين. هذه النتيجة هي أكثر النتائج خطرا على المسار السياسي حسب كثير من الملاحظين الذين يرون فيها مؤشرا خطيرا على حجم الهوّة بين السلطة السياسية والجمهور.
صحيح أنّ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي ضربت فرنسا بسبب الجائحة كان لها عظيم الأثر على تراجع ثقة الشعب في قيادته السياسية لكنّ ضعف أداء الطبقة السياسية في مواجهة الجائحة كان له أثر خطير. لا ننسى أيضا أنّ الأزمة الاجتماعية في فرنسا كانت سابقة للجائحة فيما عُرف باحتجاجات السترات الصفراء وهو ما جعل من الجائحة موجة معمِّقة لأزمات سابقة.
أمام هذا المشهد الجديد تتساوى حظوظ الفرقاء السياسيين يمينا ويسارا، وهو الأمر الذي سيدفع بالقوى السياسية إلى مراجعات عميقة تتعلّق بخططها التواصلية وبرامجها السياسية في المرحلة القادمة من أجل منع الانزلاق نحو فراغ سياسي خطير. إنّ خوف النخب السياسية الفرنسية إنما يتمثل في جهلهم باتجاهات الكتلة الصامتة التي امتنعت عن التصويت، فهم لا يعلمون كيف ستعبر هذه المجموعة الانتخابية الحاسمة عن خياراتها وتوجهاتها في المواعيد الانتخابية المستقبلية.
يؤكد اليمين المتطرّف على أنّ خزانه الانتخابي لم يتفاعل بشكل إيجابي مع هذا الموعد السياسي، إلا أنه سيكون حاضرا وبقوّة في المواعيد القادمة، وهو نفس التأويل الذي ذهبت إليه أغلب كتل اليمين بما فيها كتلة الرئيس ماكرون رغم الشكوك الكبيرة التي تحوم حول هذه القراءة.بقلم: محمد هنيد