+ A
A -
عيَّنَ عمر بن الخطاب سعدَ بن أبي وقاصٍ على الكوفة، فجاء بعضهم يشكونه، وذكروا أموراً كثيرة حتى قالوا: إنه لا يُحسن أن يصلي بنا!
فأرسل عمر إليه، فلما جاءه قال له: يا أبا إسحاق، إن هؤلاء يزعمون أنكَ لا تُحسن أن تصلي بهم!
فقال له سعد: أما والله إني كنتُ أصلي بهم صلاةَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ما أخرمُ عنها.
فقال له عمر: ذاك ظني بكَ يا أبا إسحاق..
فأعاده عمر إلى الكوفة وأرسل معه رجلاً يسأل عنه أهلها، فأثنى عليه الناس خيراً، حتى دخلَ مسجداً لبني عبسٍ، فقام رجل منهم يُقال له أسامة بن قتادة فقال: إنَّ سعداً كان لا يسير بالسريَّة (يتخلف عن الجيش)، ولا يقسمُ بالسوية (يظلم في العطاء)، ولا يعدل في القضية.
فقام سعد فقال: اللهمَّ إن كان عبدكَ هذا كاذباً، قامَ رياءً وسُمعة فأطِلْ عمره، وأطِلْ فقره، وعرِّضه للفتن.
واستجاب اللهُ تعالى دعوة سعد، فعاشَ الرجل كثيراً حتى سقط حاجباه على عينيه، وكان فقيراً يستعطي الناس، ويتعرض للفتيات في الطريق.
فلما سُئل عن هذا قال: أنا شيخ مفتون أصابتني دعوة سعد!
وفي كواليس القصة أن عمر بن الخطاب عزل سعداً عن إمارة الكوفة وعيَّن مكانه عمَّار بن ياسر ليس عن تهمة، ولكنه كان يكره عدم الوئام بين الراعي والرعية، وإلا فإن عمر سمى سعداً من بين الرجال الذين أوصى أن يكون فيهم الخلافة من بعده.
يقول ابن عثيمين رحمه الله: إنَّ الله يستجيب دعوة الكافر المظلوم على المسلم الظالم، ليس حُباً بالكافر ولا بُغضاً بالمسلم، ولكن حُباً بالعدل وبُغضاً بالظلم.
فاتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.
ما أدراك أن ذاك الذي ظلمته، فافتريتَ عليه فأكلتَ ماله، أو تسببتَ بطرده من عمله، أو خضتَ في عرضه، أو آذيته في نفسه وأهله، قد نامَ الناسُ تلكَ الليلة ولم ينم هو من ظُلمِكَ، فقام في الثلث الأخير من الليل، فتوضأ وصلى ثم رفع يديه وقال: اللهم إني مغلوب فانتصر.
دعوة نوح عليه السَّلام التي أغرقَ اللهُ الأرض استجابةً لها..
إذا كان الله يستجيب دعوة الكافر المظلوم حُباً بالعدل، فكيف بدعاء المسلم المظلوم؟!
فاتقوا دعوات المظلومين، واجتنبوا أولئك الذين ليس لهم إلا الله..
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
08/07/2021
2701