+ A
A -
سمير البرغوثي
صحفي وكاتب أردني

بعد غياب امتد منذ ظهور كورونا حتى فتح الأبواب المغلقة بحذر، عاد الأب من غربة دامت سنتين، فلم يجد أحدا في المطار لاستقباله وعندما وصل البيت قال له ولده من خلف الكمامة (هاي داد)، وألقت ابنة الستة عشر عاما التحية عن بعد وغادرت لغرفتها.. جلس الرجل مع زوجته ثم ذهب إلى المسجد لصلاة المغرب أخذ سجادته وكمامته وكان السلام صينيا بهز الرؤوس.. واللغة همهمة بلغة غير لغة البشر. وضع سجادته بجوار زميله الذي قال له لو سمحت ضع سجادتك على العلامة المحددة من قبل وزارة الأوقاف.. صلى فانتظر من يصافحه ممن كانوا يأخذونه بالأحضان.. فلم يقترب أحد.. عاد للمنزل ليجد أن زوجته جهزت له غرفة حجر.. فالإجراءات تتطلب ذلك.
فبعد القرارات الحكومية من كل حكومات العالم.. والتي من بينها.. التشديد على التباعد بين الناس.. والعمل عن بعد بنسبة 100% في بعض المؤسسات وبنسبة 80 % في بعض الوزارات.. ولبس الكمامات وعدم المصافحة بالأكف والخشوم.. ومع ارتفاع عدد المصابين في العالم إلى أكثر من 194 مليون إنسان مات منهم أكثر من 4 ملايين إنسان والمصابون على أسرة الشفاء أكثر من 100 مليون. تتخذ الحكومات إجراءات.. تشد وترخي.. فمطلوب منك للسفر ان تكون قد أخذت مطعومين معترفا بهما.. وأجريت فحص pcr قبل 72 ساعة من المغادرة. وفي الطائرة عليك ان تحرص على ارتداء الكمامة. وأن تغسل يديك بعد كل ملامسة.. زي المضيفين والمضيفات في الطائرة توحد مع زي العاملين في خط الدفاع الأول من أطباء وممرضين وفاحصين لفيروس كورونا..
وحين تصل إلى وجهة سفرك.. تشعر ان هناك حالة حرب.. مراقبون وفاحصون ومدققون ليتأكدوا أن القادم لبلادهم لا يتآمر مع هذا العدو المتربص في رذاذ عطسة أو بين أظافر إصبع.. أو على سطح مغلف وحينها يسمحون لك بالمرور.. وإن ثبت عكس ذلك تحمل إجراءات مشددة من فحص وتطعيم وحجر..
أصعب ما تواجه أن الابن وابن الأخت والأخ لم يأت للسلام وإن جاء فكأنك لم تغادر ولم تغب..
الأمر الأفظع ان كثيرا من الموظفين الكسالى يتمنون دوام الحال لهذا الفيروس الذي هو إلى زوال إن لم يجد خلية تحتضنه لينمو فيها ويتحول.. وهناك طلاب كسالى يتمنون ليت الفيروس ما ينتهي ليبقى الدوام عن بعد بلا مدرسة بلا بطيخ.. وهناك مصلون كسالى يتمنون إغلاق المساجد حتى لا يلومهم أو يعاتبهم الإمام على هجر المسجد.. فيما الملكان يسجلان ما يلفظ من قول أو يأتي من فعل..عندما كنا نشاهد النملة تحمل عشرة أضعاف وزنها كنا نقول (سبحان الله الذي يضع سره في أصغر خلقه.. فكيف مع هذا الفيروس الذي أشغل العالم من الارجنتين إلى الصين)...
فالفيروسات تصيب جميع أنواع الكائنات الحية، على الرغم من أن هناك الملايين من الأنواع المختلفة، «لم يتم وصف إلا حوالي 5.000 من الفيروسات بالتفصيل، وذلك منذ الاكتشاف الأولي لفيروس تبرقش التبغ من قبل مارتينوس بيجيرينك عام 1898. والفيروسات موجودة تقريبًا في كل النظم الإيكولوجية على الأرض، وتعتبر هذه الهياكل الدقيقة (الفيروسات) الكيان البيولوجي الأكثر وفرة في الطبيعة».
تاتي فيروسات وتذهب مع المناعة التي يصنعها الكبد أو الإنسان..المهم أن نستعد لصناعتها.. والله المستعان.
بقلم: سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
25/07/2021
1981