+ A
A -
يقولُ جابر بن عبد الله: خرجنا في سفر، فأصابَ رجُلاً منا حَجَرٌ فشجَّه في رأسه. ثم احتلمَ، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رُخصةً في التيمم؟
فقالوا: ما نجدُ لكَ رخصةً وأنتَ تقدرُ على الماء!
فاغتسلَ، فماتَ!
فلما قدمنا على النبيّ صلى الله عليه وسلم أُخبرَ بذلك، فقال: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا، فإنما شفاء العِيِّ السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعصب على جرحه خِرقةً، ثم يمسحُ عليها، ويغسلُ سائر جسده!
فتوى بغير علم أدَّتْ إلى مقتل إنسان وما أكثر الفتوى بغير علم في أيامنا، حتى صرتَ تجد أن الناس يعتقدون أنه من العيب أن يقولوا لا نعلم!
سُئل الإمام الشَّعبي عن مسألةٍ، فقال: لا أعلم.
فقيل له: أما تستحي أن تقول لا أعلمُ، وأنتَ فقيه العراق؟
فقال: إن الملائكة لم تستحِ حين قالتْ: «قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا»
وصعد فقيه المنبر، فسُئل عن مسألة، فقال: لا أعلم.
فقال له رجل من الحضور: هذه المنابر يرتقيها من يعلم.
فقال له: إنما ارتقيتُ على قدر علمي، ولو ارتقيتُ على قدر جهلي لبلغتُ السَّماء!
وجاء رجل من العراق إلى المدينة يسأل الإمام مالك في المدينة عن قضايا فقهية، فأجابه الإمام عن بعضها، وسكتَ عن بعضها!
فقال له الرجل: ماذا أقول لأهل العراق يا مالك؟
فقال له: قل لهم إن مالكاً لا يعلم!
مالك أفقه المسلمين في زمانه لا يجد حرجاً أن يقول لا أعلم، والشعبي الذي يقول عنه محمد بن سيرين: قدمتُ الكوفة وللشعبي يومئذٍ حلقة عظيمة والصحابة يومئذ كثير! لم يجد حرجاً أن يقول لا أعلم!
أما نحن فكلنا مفتون، الطبيب يُفتي، والميكانيكي يُفتي، والنساء في الصباحيات يفتين في مسائل لو عُرضت لعمر بن الخطاب لجمع لها فقهاء الصحابة!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
27/07/2021
1057