مايحدث في دولة جنوب السودان، من اقتتال قبلي فظيع، والذي ادى في النهاية إلى الاقتتال حتى داخل القصر الرئاسي في جوبا، امر له نهاياته الكارثية على تلك الدولة الوليدة، المشحونة بالصراعات السياسية، والثأرات القبلية التي لا تنتهي على الإطلاق.
جنوب السودان، أصبحت دولة فاشلة بمعنى الكلمة: حرب اهلية، وانهيار تام في البنية التحتية، وشح في الموارد التي تغذي عائداتها الخزينة العامة، وفساد بشكل كبير، وفقر لا يطاق.
فشل أي دولة ينعكس، بصورة مباشرة على الجيران: امنهم ومواردهم الذاتية، حيث يقود مايحدث إلى موجات فرار ونزوح واسع، وهو مايلقي بتعقيداته على الجوار.. وإذا مانظرنا إلى دول الجوار التي يفر إليها الجنوبيون، وماتعانيه هي الأخرى من مشاكل داخلية صعبة، لأمكن لنا تصور حجم هذه التعقيدات، وكارثيتها.
للأسف، مايحدث الآن في دولة جنوب السودان، من قتل وفرار وفظائع، هو في الأساس نتاج القبلية، وثأراتها المروعة.. وهو إلى جانب ذلك نتيجة فشل النخبة المتعلمة في هذه القبائل، في إدارة الدولة على أسس من الرشد، وفي عدم التفاتهم لنصائح الناصحين الأفارقة، أولئك الذين بادروا لاحتواء النيران اول ما اندلعت، وجمعت المتخاصمين في مباحثات مطولة، أدت في النهاية إلى المصالحة بين أبرزهم الرئيس سلفاكير الذي ينتمي إلى قبيلة الدينكا، ونائبه د. رياك مشار الذي ينتمي إلى قبيلة النوير، لكن ايدي الغريمين التي امتدت بالسلام، سرعان ماتراجعت وامتشقت السلاح اللعين.
للأسف.. النيران في دولة جنوب السودان، ستستعر أكثر، لتأكل ماتأكل في ظل عجز تام من الإطفائيين.