+ A
A -
من مخزون الذاكرة التي مضى عليها أكثر من ثلاثة عقود، تقفز أحداث ليلة الغزو العراقي للكويت إلى الذاكرة...
فقد كنت أتابع في غرفة وكالات الأنباء بجريدة الوطن الكويتية، أخبارا عن عبور دبابات عراقية للحدود الكويتية.. كانت الساعة الخامسة والنصف عصرا، فاتصلت بالرقيب الإعلامي يوسف الجلاهمة الذي حظر نشر خبر العبور.. فجاء حامد الملا الملحق الثقافي العراقي الذي وقف على باب صالة التحرير ليسأل عن الأخبار.. وحين قلت له رويتر تقول إن قواتكم دخلت الحدود الكويتية، ابتسم ابتسامة صفراء، وقال: مناورات يابي..
اتصلت بالدكتور أحمد الربعي.. وكان يقوم بأعمال مستشار التحرير.. سألته عن إمكانية إرسال وفد صحفي مع مصور إلى العبدلي الحدود مع العراق.. فقال: تأكد أولا من صحة خبر رويتر.. اتصلت بصديق يعمل ممرضا في العبدلي فقال نعم القوات العراقية اجتازت الحدود من كل الاتجاهات وبتشكيل عرضي.. وطلبوا منا إخلاء المباني التي تم دكها وإلغاء الحدود بين العراق والكويت، واصلت العمل تلك الليلة... وانتظرت مندوب الجريدة الذي ذهب إلى المطار لتغطية عودة الشيخ سعد العبدالله ولي العهد رئيس مجلس الوزراء العائد من جدة بعد محادثات مع عزة إبراهيم الدوري نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقي.. وكان تصريح الشيخ سعد بالمطار مانشيت الصحف كلها ويقول (اتفقنا على اللقاء في بغداد السبت)، لكن وجه الشيخ سعد كان متجهما غاضبا عابسا، يشي بأن أخبار عبور القوات العراقية وصلت إلى مسامعه.
الحرب لم تبدأ قال أحمد الربعي رحمه الله ونحن في المصعد في نهاية عمل يوم الأربعاء الأول من أغسطس 1990.. وانه سيذهب عطلة نهاية الأسبوع إلى البحرين.. ودعته لأنه كان مقررا أن أغادر الخميس ظهرا إلى عمان في اجازة ثلاثة أشهر.. عرجت على الصراف الآلي القريب من جريدة الوطن سحبت الحد الأعلى للسحب اليومي وهو 500 دينار كويتي، اتصل بي محافظ حولي عبد اللطيف البرجس.. يسأل عن آخر الأخبار وكنت أعمل قبل الغزو أمين سر لمجلس المحافظة خلال الفترة الصباحية.. وقال الوضع خطير فالقوات العراقية تتحرك نحو الكويت العاصمة.. وبدأنا نخسر من دوريات الشرطة التي تتصادف مع دبابات الحرس الجمهوري.. ذهبت إلى المحافظة وجدت كل الهيئة الإدارية والأمنية تواصل العمل.. فيما هناك شباب عرب من كل الجنسيات جاءوا يطلبون السلاح للدفاع عن الكويت.. أقامت القوات العراقية الحواجز.. وكل من كان في طريقه إلى عمله تم إيقافه وحجزه.. استطعنا تأمين وصول المحافظ إلى مكان آمن ولم يغادر الكويت.. وأصيب بجلطة وتوفي رحمه الله أثناء الغزو بعد أن أدى دورا مشرفا مع المقاومة الكويتية.
بقلم: سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
02/08/2021
1851