جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت...»، وهذا دليل على أن الكلام الحسن والنوايا الحسنة والفعل الحسن من صفات العقلاء، ومن صفات الشخص المتزن الكفو السمح، الذي لا يخوض مع الخائضين، ويطبل مع المطبلين، ويرقص مع الراقصين، ويغرد مع المغردين في الطالعة والنازلة، وينتقص بمفرداته وعباراته وإسقاطاته من هذا، ويقدح في هذا، ويشكك في هذا، ويهوّن من قدر هذا، ومن ذلك ما نراه على منصات التواصل الاجتماعي اليوم من تجاوزات وأقوال وأفعال تهدد النسيج المجتمعي وتماسكه! الكلام الموضوعي والنقد من أجل الإصلاح والتحسين والتطوير وقول الخير وطرح وجهات النظر من أجل المصلحة العامة شيء نحترمه ونقدره ونجله، أما الكلام غير المتزن المؤذي للشرفاء والعقلاء وأصحاب الضمائر الحية والبعيد عن الكياسة والفراسة والذي ينخر في النسيج المجتمعي فهو شيء آخر نمقته ونكرهه ونمله، جاء في الحديث عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها، يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب»، وقال عمر: من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه، كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه، كانت النار أولى به، وقد يدفع احتقار الآخرين إلى السب والشتم والتعيير، وهذا يؤدي إلى التقاطع وهدم صرح الأخوة وتقويض أركان المحبة والمودة بين أفراد المجتمع، الهمز واللمز والتشكيك والطعن وتعييب الناس، سلوكيات مرفوضة شرعاً وعرفاً وقانوناً، «وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ» الهمزة.. والويل: هو العذاب أو قيل واد في جهنم لكل طعّان عيّاب على الناس، يشكك في الجهود والقدرات، وقد صان الله والقانون والدساتير الوطنية الكرامة الإنسانية من أن تهان وتنتهك لقوله «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ»، ومن المذموم احتقار الناس والاستخفاف بهم من غير ذنب ولا جريرة وسبب واضح، لأنها مظهر قبيح يتنافى مع مبدأ الأخوة والوطنية التي تقتضي المشاركة، كما أنها تتنافى مع قوله تعالى «اعدلوا هو أقرب للتقوى»، جاء في الأثر: «لا تظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك» والراشد يفهم، اللهم إنا نسألك الرشد في الأمر كله، ورحم الله قارئاً قال: آمين، اللهم آمين، وعلى الخير والمحبة نلتقي.


بقلم : يعقوب العبيدلي