+ A
A -
بداية هناك شبه كبير بين البط والإوز، ولكن الفروق تكمن في الحجم واللون وشكل المنقار وطول الرقبة والصوت وموسم التزاوج، سمعت العبارة أعلاه من أخينا زميلنا خفيف الظل الكريم اللطيف عطر البريسم (عبدالله صقر) الغالي -استشاري تربوي- فسألته عنها، فقال إنها مثل شعبي يقال في بعض الدول العربية للاستهزاء والتهكم والتنقيص من آكل المال العام، ويضرب عادة في الهانئين رغداً بالعيش حين لا يستمر بهم الحال، أو الذي يتجاوز الخطوط والحدود والمعقول، ثم يطيحون عليه، فيتهم بما سرق وغنم، وتكرار اللفظ للتأكيد على الوهقة والمحنة التي يمر بها المتعوس، أمثالهم سرّاق المال العام، والمساحات العامة، والمرتشون، والمتسيبون، والأفاكون، والوصوليون، والمتسلقون والنصابون، كل هؤلاء مقاضون في الدنيا والآخرة، وقد دخل عبدالله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- على عبدالله بن عامر في مرض موته، قال: ألا تدعو الله لنا يا بن عمر، فقال ابن عمر: «إن الله عز وجل لا يقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول، وقد كنت على البصرة، أي أنك كنت واليا، وربما يكون قد تسرب إلى مالك من المال العام ما يحول بينك وبين قبول الدعاء ما لم تكن ذمتك من ذلك براء غاية البراءة، نزيهة غاية النزاهة، بعيدة كل البعد عما فيه أدنى شبهة أو ريب، ولذلك قيل: إن المتقين إنما سموا متقين لأنهم اتقوا ما لا يتقيه غيرهم، وكان بعض الصحابة والتابعين وأتباعهم من الزهاد يتركون بعض الحلال مخافة أن تكون فيه شبهة حرام، وقد يظن البعض أن سرقة المال العام تنحصر في بعض أشكال الصرف والاختلاس، غير أن الأمر أوسع من ذلك بكثير، فسرقة الخدمات، واحتكار دواعيس الفرجان، واستغلال الممرات، والتزوير في الأوراق، لا يختلف عن سرقة الأموال، لأن الخدمات والدواعيس والسكيك -مفردها سكة- في الحقيقة هي للناس عامة وليست لشخص بعينه، فهو هنا كالسارق سواء بسواء، ومن يقوم بتزوير بعض الأوراق للحصول على ما لا يستحقه يعتبر آكلا للسحت، لأنه يأخذ ما لا حق له فيه، وكل من يتحايل للحصول على ما لا يستحق بالمخالفة للواقع والشروط المحددة ما سيأكله اليوم من بط بط، راح يطلع عليه غداً وز وز!! وراح يغص فيه، ويعلق في حلقومه وبلعومه «وزوره»، وقس على ذلك، وحينها سيردد أغنية العندليب «اللي شبكنا يخلصنا»، وعلى الخير والمحبة نلتقي.
copy short url   نسخ
09/08/2021
616