دخلَ عمرو بن الأهتم والزِّبرقان بن بدر على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فسأل عمرو بن الأهتم عن الزبرقان، فقال: يا رسول الله، مطاعٌ أدنيه، شديد العارضة، مانع لما وراء ظهره!
وهنا يهجو عمرو بن الأهتم الزبرقان بن بندر!
فقال الزبرقان يدافع عن نفسه: يا رسول الله، إنَّه ليعلمُ مني أكثر من هذا، ولكنه حسدني!
فقال عمرو: أما والله إنه لزَمر المروءة، ضيِّق العطن، أحمق الوالد، لئيم الخال، واللهِ يا رسول الله ما كذبتُ في الأولى، ولقد صدقتُ في الأخرى، ولكني رجلٌ رضيتُ فقلتُ أحسن ما علمتُ، وسخطتُ فقلتُ أقبح ما وجدتُ!
فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ من البيان لسحراً!
فجرى قوله في العرب مجرى المثل، وهو على أحد معنيين عند أهل اللغة:
الأول: أن بعض الكلام يصل حداً من البلاغة يأسر القلوب، ويأخذ الألباب، لما فيه من حلاوة وطلاوة!
الثاني: أن بعض البيان يعمل عمل السِّحر في إظهار الباطل بصورة الحق!
على أنَّ الناس هم الناس في كل عصر، إذا رضوا أظهروا في المرء أحسن ما فيه، وإذا سخطوا أظهروا أسوأ ما فيه، وقد قالت العرب: الحبُ يُعمي ويصمُّ! أي أنه لا يجعلكَ ترى عيوب محبوبكَ، ولا تُصدِّق فيه كلاماً قيل فيه!
لهذا لا تأخذ حقيقة شخص من اثنين: من محبٍّ له بجنون، ومن كارهٍ له بجنون، فكلاهما لا يعدل!
ومن سحر البيان قال الربيع: قلتُ للشافعيِّ: من أقدر الناس على المناظرة؟
فقال: من عوَّدَ لسانه الركض في ميدان الألفاظ، ولم يتلعثم إذا رمقته العيون بالألحاظ!
وعن فصاحة الشافعي أنه ماتَ لعبدالرحمن بن مهدي ابن، فجزع عليه جزعاً شديداً، حتى امتنعَ عن الطعام والشراب، فبلغَ ذلكَ الشافعي، فكتبَ إليه يقول: أما بعد، فعزِّ نفسكَ بما تُعزي به غيركَ، واستقبحْ من فعلكَ ما تستقبحه من فعل غيرك! واعلمْ أن أضرَّ المصائب فقد سرور مع حرمان أجر، فكيف إذا اجتمعا على اكتساب وزر؟ وإني أُعزيك لا إني على ثقة من الخلود ولكن سُنَّة الدين، فما المُعزِّي بباقٍ بعد صاحبه ولا المُعزَّى ولو عاشا إلى حين!
فحفظ الناس هذا الكتاب، وكانوا يتهادونه في البصرة في المصائب!بقلم: أدهم شرقاوي
وهنا يهجو عمرو بن الأهتم الزبرقان بن بندر!
فقال الزبرقان يدافع عن نفسه: يا رسول الله، إنَّه ليعلمُ مني أكثر من هذا، ولكنه حسدني!
فقال عمرو: أما والله إنه لزَمر المروءة، ضيِّق العطن، أحمق الوالد، لئيم الخال، واللهِ يا رسول الله ما كذبتُ في الأولى، ولقد صدقتُ في الأخرى، ولكني رجلٌ رضيتُ فقلتُ أحسن ما علمتُ، وسخطتُ فقلتُ أقبح ما وجدتُ!
فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ من البيان لسحراً!
فجرى قوله في العرب مجرى المثل، وهو على أحد معنيين عند أهل اللغة:
الأول: أن بعض الكلام يصل حداً من البلاغة يأسر القلوب، ويأخذ الألباب، لما فيه من حلاوة وطلاوة!
الثاني: أن بعض البيان يعمل عمل السِّحر في إظهار الباطل بصورة الحق!
على أنَّ الناس هم الناس في كل عصر، إذا رضوا أظهروا في المرء أحسن ما فيه، وإذا سخطوا أظهروا أسوأ ما فيه، وقد قالت العرب: الحبُ يُعمي ويصمُّ! أي أنه لا يجعلكَ ترى عيوب محبوبكَ، ولا تُصدِّق فيه كلاماً قيل فيه!
لهذا لا تأخذ حقيقة شخص من اثنين: من محبٍّ له بجنون، ومن كارهٍ له بجنون، فكلاهما لا يعدل!
ومن سحر البيان قال الربيع: قلتُ للشافعيِّ: من أقدر الناس على المناظرة؟
فقال: من عوَّدَ لسانه الركض في ميدان الألفاظ، ولم يتلعثم إذا رمقته العيون بالألحاظ!
وعن فصاحة الشافعي أنه ماتَ لعبدالرحمن بن مهدي ابن، فجزع عليه جزعاً شديداً، حتى امتنعَ عن الطعام والشراب، فبلغَ ذلكَ الشافعي، فكتبَ إليه يقول: أما بعد، فعزِّ نفسكَ بما تُعزي به غيركَ، واستقبحْ من فعلكَ ما تستقبحه من فعل غيرك! واعلمْ أن أضرَّ المصائب فقد سرور مع حرمان أجر، فكيف إذا اجتمعا على اكتساب وزر؟ وإني أُعزيك لا إني على ثقة من الخلود ولكن سُنَّة الدين، فما المُعزِّي بباقٍ بعد صاحبه ولا المُعزَّى ولو عاشا إلى حين!
فحفظ الناس هذا الكتاب، وكانوا يتهادونه في البصرة في المصائب!بقلم: أدهم شرقاوي