قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه:
بدأ الإسلام غريباً، وسيعودُ غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء!
عندما نسمعُ لفظ الغرباء قد يتبادر إلى الذهن فوراً صور أشخاص يعيشون على هامش المجتمع، قد اعتزلوا الناس، ثيابهم بالية، وشعورهم منكوشة، لا وظائف لديهم ولا أعمال، لا دراسة ولا إنجازات!
أيها السادة هو وصف الانطوائيين المهزومين لا وصف الغرباء!
الغرباء لا يمكن تصنيفهم من مظاهرهم، إنهم أشخاص ينتمون إلى كل شرائح المجتمع، تجدونهم بين الأطباء والمهندسين، وبين الحدادين والنجارين، وبين سائقي سيارات الأجرة وكناسي الطرقات، بين طلاب الجامعات والذين لا يعرفون كتابة أسمائهم، بين ربات البيوت وبين المدرسات والممرضات!
إنهم أشخاص لديهم عائلات ووظائف، وأحلام وطموحات، أحزان ومواجع، ابتسامات وضحكات، يعيشون في المجتمع الذي نعيشه، أما غربتهم ففي قلوبهم التي تعتصرُ ألماً إلى ما صار إليه حال الإسلام والمسلمين، يتوجعون إذا رأوا المراقص وليس في أيديهم شيء، ويتألمون إذا رأوا الخمور تُباع في المحلات وهم لا حول لهم ولا قوة، ويحزنون إذا رأوا نساء المسلمات سافرات دون حجاب، وشبابهم قد عزفوا عن المساجد والصلوات! فإذا خلوا بربهم شكوا إليه غربتهم، وبثوه أنينهم، وأخبروه أن كل هذا لا يرضيهم!
الغرباء ليسوا بسطاء إنما مؤمنون تتوجع قلوبهم من حال مجتمعاتهم!
لقد بدأ الإسلام غريباً، فكيف كان الغرباء الأوائل، الإجابة عن هذا السؤال تشرحُ لنا حال الغرباء الآن!
كان أبو بكر تاجراً ناجحاً وثرياً، يبيعُ ويشتري، ويُعتِقُ العبيد من المسلمين، كان وجهاً اجتماعياً مرموقاً، ورجلاً يُشار إليه بالبنان، غربته كانت في قلبه، في توجعه وحزنه على ضلال قومه وكفرهم!
كان المقداد بن الأسود فارسا لا يُشقُّ له غبار، محاربا من الطراز الأول، قويا وحازما، يعيش كما الأبطال، ولكن غربته كانت في قلبه، وحزنه على حال مكة التي تعبدُ الأصنام يدميه!
وكان عمر بن الخطاب ممثل بني عديِّ في دار الندوة، فصيح اللسان، قوي البنية، تعرفه قريش كلها وتهابه، ولكن غربته أيضاً كانت في قلبه!
وكان مصعب بن عمير وسيماً جداً، أنيق الثياب، طيب الرائحة، حتى أن الفتاة إذا رأته في الطريق افتخرتْ في ذلك اليوم على صديقاتها أنها رأت مصعب بن عمير، ولكن غربة مصعب كانت في قلبه!
وحمزة بن عبد المطلب كان غريباً أيضاً رغم أنه لم يكن ضعيفاً مسكيناً، كان صلباً قوياً، وكانت قريش تلقبه بصائد الأسود، هذه كانت هوايته، وهو الذي صفع أبا جهلٍ، وقال له: ردها عليَّ إن استطعتَ! فلم يجرؤ أن يردها عليه!
الغربة في القلب، وأي انعزال عن المجتمع، وأي عطالة وبطالة بحجة الغربة ما هي إلا خنوع وانهزام وليست من الغربة في شيء!بقلم: أدهم شرقاوي
بدأ الإسلام غريباً، وسيعودُ غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء!
عندما نسمعُ لفظ الغرباء قد يتبادر إلى الذهن فوراً صور أشخاص يعيشون على هامش المجتمع، قد اعتزلوا الناس، ثيابهم بالية، وشعورهم منكوشة، لا وظائف لديهم ولا أعمال، لا دراسة ولا إنجازات!
أيها السادة هو وصف الانطوائيين المهزومين لا وصف الغرباء!
الغرباء لا يمكن تصنيفهم من مظاهرهم، إنهم أشخاص ينتمون إلى كل شرائح المجتمع، تجدونهم بين الأطباء والمهندسين، وبين الحدادين والنجارين، وبين سائقي سيارات الأجرة وكناسي الطرقات، بين طلاب الجامعات والذين لا يعرفون كتابة أسمائهم، بين ربات البيوت وبين المدرسات والممرضات!
إنهم أشخاص لديهم عائلات ووظائف، وأحلام وطموحات، أحزان ومواجع، ابتسامات وضحكات، يعيشون في المجتمع الذي نعيشه، أما غربتهم ففي قلوبهم التي تعتصرُ ألماً إلى ما صار إليه حال الإسلام والمسلمين، يتوجعون إذا رأوا المراقص وليس في أيديهم شيء، ويتألمون إذا رأوا الخمور تُباع في المحلات وهم لا حول لهم ولا قوة، ويحزنون إذا رأوا نساء المسلمات سافرات دون حجاب، وشبابهم قد عزفوا عن المساجد والصلوات! فإذا خلوا بربهم شكوا إليه غربتهم، وبثوه أنينهم، وأخبروه أن كل هذا لا يرضيهم!
الغرباء ليسوا بسطاء إنما مؤمنون تتوجع قلوبهم من حال مجتمعاتهم!
لقد بدأ الإسلام غريباً، فكيف كان الغرباء الأوائل، الإجابة عن هذا السؤال تشرحُ لنا حال الغرباء الآن!
كان أبو بكر تاجراً ناجحاً وثرياً، يبيعُ ويشتري، ويُعتِقُ العبيد من المسلمين، كان وجهاً اجتماعياً مرموقاً، ورجلاً يُشار إليه بالبنان، غربته كانت في قلبه، في توجعه وحزنه على ضلال قومه وكفرهم!
كان المقداد بن الأسود فارسا لا يُشقُّ له غبار، محاربا من الطراز الأول، قويا وحازما، يعيش كما الأبطال، ولكن غربته كانت في قلبه، وحزنه على حال مكة التي تعبدُ الأصنام يدميه!
وكان عمر بن الخطاب ممثل بني عديِّ في دار الندوة، فصيح اللسان، قوي البنية، تعرفه قريش كلها وتهابه، ولكن غربته أيضاً كانت في قلبه!
وكان مصعب بن عمير وسيماً جداً، أنيق الثياب، طيب الرائحة، حتى أن الفتاة إذا رأته في الطريق افتخرتْ في ذلك اليوم على صديقاتها أنها رأت مصعب بن عمير، ولكن غربة مصعب كانت في قلبه!
وحمزة بن عبد المطلب كان غريباً أيضاً رغم أنه لم يكن ضعيفاً مسكيناً، كان صلباً قوياً، وكانت قريش تلقبه بصائد الأسود، هذه كانت هوايته، وهو الذي صفع أبا جهلٍ، وقال له: ردها عليَّ إن استطعتَ! فلم يجرؤ أن يردها عليه!
الغربة في القلب، وأي انعزال عن المجتمع، وأي عطالة وبطالة بحجة الغربة ما هي إلا خنوع وانهزام وليست من الغربة في شيء!بقلم: أدهم شرقاوي