مرضَ الصحابي الجليل خبَّابُ بن الأرت، واكتوى في بطنه سبع كيَّاتٍ، فجاءه أصحابه يعودونه مما نزل به، فقال لهم من شدة وجعه: لولا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموتِ لدعوتُ به!
هذه الدنيا دار بلاء، لأنها بالأساس خُلقتْ دار امتحان لا دار جزاء، ومن امتحانات الخالق العظيم لخلقه أن يبتليهم بالمرض، تحبباً، وتكفيراً للذنوب، وتعظيماً للأجر، وقبل كل هذا هو اختبار حتى ينظر اللهُ سبحانه هل يجتازه عبده أم يرسب فيه! فإن كان الأنبياء قد كدَّرَ اللهُ لهم الدنيا، وابتلاهم بالفقد والمرض والفقر، فلا غرابة بمن دونهم، وما أيوب عليه السلام منكم ببعيد، وبأبي وأمي النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يتلوى من الألم ويقول: إني لأوعكَ كما يوعكُ الرجلان منكم!
نحن مأمورون بالصبر على المرض، فإن كان الشفاء بعده فقد فزنا بالامتحان، وإن كان الموت فلقاء العبدِ ربَّه صابراً فوز ساحق أيضاً!
على أنَّ الإنسان يجب أن يعلم أن الشدة بتراء لا دوام لها، وأن المرضَ في أغلب الأحوال يعقبه الشفاء، فمهما ضاقتْ بالعبد أمراضه، وزادت أوجاعه، فليحسِن الظن فثمة شفاء قادم!
مرضَ سعد بن أبي وقاص فعاده النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأخذ سعد يسأله عن الوصية، وكيف يفعل بماله، ظنَّ سعد أنها النهاية، ثم ها هو قد شفيَ وعاش بعدها عشرات السنوات!
ومرضَ رجلٌ فعاده النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فلاحظ أن وجعه شديد، فقال له: أكنتَ تدعو بشيءٍ!
فقال: أجل، كنتُ أقول اللهم ما كنتَ معذبي بشيءٍ في الآخرة فعجله لي في الدنيا! فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: سبحان الله، إنكم لا تطيقون، هلا قلتَ اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار!
فقالها الرجل فشفيَ!
ألم المرض شديد لا شك، والإنسان قد ينفد صبره، نحن بشر في نهاية المطاف، ولكن تمني الموت منهي عنه، وحُسن الظن بالله أولى، والإقبال عليه سبحانه بالدعاء والتضرع أجدى، ثم مرحباً بقضاء الله مهما كان.
بقلم: أدهم شرقاوي