+ A
A -

يؤدي رئيس الجمهورية الفرنسية زيارة إلى الجزائر في مناسبة تعدّ تاريخية بين البلدين بسبب السياق الذي تندرج ضمنه سواء على المستوى الأوروبي أو المغاربي. أوروبيا تشهد القارة العجوز أزمة خانقة بفعل تداعيات الجائحة من جهة أولى والحرب الأوكرانية الروسية من جهة ثانية والتي تجلت خاصة في نقص إمدادات الطاقة. أما على الجهة المغاربية فإن الوضع في الجزائر وفي الجوار الإقليمي ينبئان بتطورات خطيرة في حال بقيت الأزمة هناك على ما هي عليه. صحيح أنّ الحراك الجزائري قد خمد وأنّ السلطة تحاول منع تجدد الاحتجاجات لكنّ واقع الحريات والأزمة الاقتصادية التي تلقي بظلالها على البلاد يؤكدان على أن احتمال الهزات الاجتماعية أمر عالي التوقع. من جهة أخرى يشهد الجوار الاقليمي المباشر أزمات عميقة مثلما هو الحال في تونس أو ليبيا وكذلك التوترات مع المغرب بشكل قد يزيد من تعميق الأزمة الداخلية. ماذا يمكن أن يقدم الرئيس الفرنسي ؟ وخاصة ماذا الذي سيطلبه ؟ من الصعب التكهن بذلك لكنّ السياق يسمح بتوقع إثارة جملة من الملفات وعلى رأسها ملفّ الطاقة وعرض فرنسا على الجزائر الترفيع في إمداداتها من الغاز والنفط. لن يكون الملف المغربي وقضية الصحراء بعيدا عن المتحاوريْن خاصة وأنّ باريس تعمل على خفض التصعيد بين البلدين في ظل سياق عالمي متوتر وتوجس المغرب من الموقف الفرنسي حيال قضية الصحراء. لن يكون الملف التونسي أيضا بعيدا عن طاولة الحوار بسبب ما يمثله من ثقل نوعي في المنطقة خاصة في حال فشل الانقلاب وانتقال العدوى إلى الجوار الجزائري بتجدد الحراك. من جهتها لن تكون فرنسا قادرة على تقديم أي نوع من أنواع الدعم إلى مستعمرتها السابقة إلا بتجديد صفقات عسكرية باهظة الثمن أو الحصول على صفقات من عقود الإعمار أو المشاريع الكبرى خاصة في مجال الطاقة والتنقيب عن الثروات الباطنية. فباريس اليوم تعاني هي الأخرى من حالة الركود العامة ومن ارتفاع نسب التضخم وتراجع قيمة اليورو وهو ما يجعلها غير قادرة على المساعدة إلا بما تمليه مصالحها العليا. لن تستطيع الجزائر التخلص من العقدة الاستعمارية والخروج من دائرة التيه إلا بالمرور إلى مسار ديمقراطي يجمع جميع الجزائريين بكل أطيافهم لتفادي الانفجارات الحتمية القادمة. دون حلول داخلية فإن البلاد ستبقى رهينة الأطماع الخارجية والأجندات الأجنبية التي لن تزيد الأزمة الداخلية إلا عمقا بما يتفق مع مصالحها التي تفرض عليها إبقاء الجزائر في حالة الجمود التام.{ [email protected] -

copy short url   نسخ
25/08/2022
15