+ A
A -
جاء أبو طويلٍ الممدود إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقال له: أرأيتَ رجلاً عمل الذنوب كلها، فلم يتركْ منها شيئاً، وهو في ذلكَ لم يتركْ حاجةً ولا داجةً إلا أتاها، فهل له من توبة؟
فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: نعم، تفعلُ الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهنَّ اللهُ لكَ خيراتٍ كُلُّهنَّ!
فقال: وغدراتي وفجراتي؟
فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: نعم
فقال: الله أكبر، فما زال يُكبِّر حتى توارى!
يا له من ربٍّ، يبارزه عبده بالمعاصي، فلا يترك صغيرة ولا كبيرةً إلا فعلها، ثم إذا استوحشَ وعلِمَ أن لا أنيسَ إلا الله، وإذا شعر بالغربة وعلِمَ أن لا ملجأ له إلا الله، فجاء تائباً آيباً، نادماً منكسراً، عازماً على عدم العودة، استقبله ربه كما يستقبلُ أهلُ المسافر غائبهم إذا عاد من غربته، ألا وإن أوحش الغربة هي البعد عن الله، وأجمل الأُنس هو الأُنس بالله!
لا تستعظِمْ ذنبكَ أمام رحمة الله، رحمة الله أكبر من كل ذنوبك، وإن من عظيم رحمته أن لا يغفر الذنوب فقط لمن أحسنَ التوبة، ولكنه يُبدِّل السيئات التي فعلها إلى حسناتٍ، وانظر لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم في هذه القصة: تفعلُ الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهنَّ اللهُ لكَ خيراتٍ كُلُّهنَّ!
وقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم هذا ما هو إلا مصداق لقول ربنا جل في علاه: «إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَ?ئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا».
لا تجعل الشيطان يقف بينك وبين الله، فإن من طرقه الخبيثة أن العبدَ إذا ندمَ على ذنوبه، وعزمَ على التوبة، وجاءه فقال له: من أي شيءٍ تتوب، من الزنى أم من الخمر؟ من السرقة أم من الكذب؟، من الرشوة أم من أكل الربا؟، من العقوق أم من قطع الرحم؟!
يُعظِّمُ لكَ ذنوبك ويُصغِّرُ لكَ رحمة اللهِ في عينيكَ، فلا تلتفِتْ له، أقبِلْ على الله بكل خليةٍ فيك، اِبكِ بين يديه، واستغفره، واعملْ صالحاً ما استطعتَ، وأبشِر، فواللهِ إن صدقتْ توبتك، واستقامت إنابتك، لترينَّ كل سيئةٍ عملتها قد صارت حسنةً في ميزانك، ولا أحد أكرم من الله!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
09/09/2021
1536