لعل أبرز ملف في السياسة الخارجية لدول الخليج العربي، بعد تطور المصالحات اليوم، هو ملف اليمن ومستقبله، والحقيقة أن الملف قد شهد سقوطاً مروعاً في هامش الخلاف الذي استنزف سنوات عديدة وخسائر بشرية وثقافية موجعة لكل إنسان، فضلاً عن جوار العروبة والإسلام، ولنحاول هنا أن نحصر بعض الشواهد، التي نقف عبرها على هذه القناعة الكلية في مآل مستقبل اليمن، ليس لإنصاف إنسانه وحسب، ولكن لمصالح هذه الدول ذاتها.
وهل نستبعد هنا مسقط ذات العلاقة الخاصة بالملف؟
كلا...
?فالقضية هنا هي أن مسقط ذات موقف واحد منذ اندلاع الأزمة اليمنية، وكانت في الطرف الذي يسعى لأن يكون محايداً مع أي مستقبل يمني مراعاة لحدودها، وبالتالي فالمعالجة هنا هي في اتجاه الإشكال الأكثر تعقيداً وتأثيراً في اليمن:
1.? نلاحظ هنا في بدء الرصد أن استمرار واقع اليمن وحربها الداخلية، وحسم الإيرانيين لها، سيؤثر حتماً على المجلس الخليجي الذي تضعضع بسبب توظيفه في الأزمة الخليجية سابقا، والتأثير هنا سيصيب كل دولة، فلا توجد مساحة لبقاء مصالح في داخل اليمن حتى لو استمرت مع الصراع، توازي خسائر فقدانه كلياً، وتحول واقعه إلى رحلة أفغانية استهلكت أربعة عقود وأكثر.
2.? هذا النسيج الاجتماعي اليمني هو نسيج متحد متصل بشعوب المنطقة، متداخل مع رحلتها العمرانية، شقيق مقرب بطبعه وباندماجه، تمثل قوته البشرية طاقة هائلة للتوظيف العمراني، عقول أبنائه وثقافتهم عميقة وعريقة، بنيته القبلية ورحلته السياسية تنعكس على دول الخليج العربي، وبالتالي السلم بالسلم والتأزم بالتأزم، سواءً كان نسبياً أو كلياً.
3.? أثبتت التجربة أن المراهنة على اقتسام مصالح مشتركة، على حساب السلم الأهلي لليمن، أو استقراره الاجتماعي والسياسي لم يمكّن أي دولة حتى اليوم من ضمان مستقبل لمصالحها، والطرف الأكثر رسوخاً هم الإيرانيون، وبالتالي خضعت دول المجلس للتنسيق مع إيران بدلاً من التنسيق بينهم، ثم التفاوض مع طهران قُطرياً وهو ما أضعف هذه الدول فردياً وجماعياً.
4.? لماذا لا تقوم معادلة المصالح لدول المجلس الخليجي عبر اتفاق ثلاثي ثم سداسي، بدلاً من فرض المجتمع الدولي حله بالتوافق مع إيران؟
5.? هذا التوازن المفقود اليوم، لن يضمن مساحة أمن قومي واستثمار مستقر، حتى في جنوب اليمن، فالأجواء في غاية التوتر، وهي اليوم ليست بيئة ثبات جيوسياسي، وهنا يبرز البديل، فما هو؟
6.? إن إعادة الاعتبار للشرعية ليس لقوة واقعها، ولكن لأهمية مركزها لبقاء اليمن الجمهوري العربي مستقراً، وعبرها ينتقل إلى حالة استقرار جديدة انتقالية تشمل احتواء الحوثي وإن بقي الصراع السياسي معه، فالمهم هو ألا يسقط ما تبقى من نظام اجتماعي، حافظ على ثقافة إنسان اليمن وانفتاحه الحضاري، بدلاً من الروح الطائفية في المواطنة واغتيال الحياة المدنية.
7.? وعليه فإن هناك فرصة حقيقية لقاعدة اتفاق بين العواصم الثلاث، تثبّت للسعوديين أمن الحدود وتُبقي لهم تأثيرهم وفرص استثمار قادمة، ومعالجة العلاقة المتوترة مع هذا الجار المهم واللصيق، عبر تثبيت الشرعية من خلال عودتها لليمن.
8.? في ذات الوقت يتم التفاهم مع الإمارات العربية المتحدة، في صناعة موقف جديد يُبقي لها فرص المصالح في الجنوب، ويُعطي الجنوبيين حكماً فدرالياً مستقراً لم يتحقق حتى اليوم، لكن عبر اتفاق سياسي فاعل على الأرض، حين يلتقي بمصالح أبو ظبي فهو قد يساهم في تثبيت علاقة جديدة بين الشمال الشرعي وبين الجنوب، وهنا سيتحول الانقسام إلى قوة سياسية على الأرض، تُغيّر معادلة اللعبة التي تستفرد بها طهران.
9.? وهنا فالتفاهم مع إيران باتفاق كل هذه الأطراف، وتفعيل جسور سياسية مع الحوثي، يمكن للدوحة أن تلعب دورا فيها تأسيسا على وساطاتها الناجحة في أكثر من صراع، يمهد لاتفاق تطبقه دول الخليج مع اليمن بدلاً من انتظار انهيار أكثر، وقرار دولي ليس في صالح اليمن ولا دول الخليج العربي.
إن قرار المصالح والسيادة والوحدة الوطنية لليمن، يخص أبناء شعبه، غير أن خروجه من الحرب، يحتاج اليوم بالضرورة إلى توافق خليجي - خليجي، نأمل أن يُعيد قراءة ذاكرته وما تسبب فيه صراعه لليمن، وأن يُصحح منهجه لوطن يعني الكثير للعرب ولجواره الخليجي.بقلم: مهنا الحبيل
وهل نستبعد هنا مسقط ذات العلاقة الخاصة بالملف؟
كلا...
?فالقضية هنا هي أن مسقط ذات موقف واحد منذ اندلاع الأزمة اليمنية، وكانت في الطرف الذي يسعى لأن يكون محايداً مع أي مستقبل يمني مراعاة لحدودها، وبالتالي فالمعالجة هنا هي في اتجاه الإشكال الأكثر تعقيداً وتأثيراً في اليمن:
1.? نلاحظ هنا في بدء الرصد أن استمرار واقع اليمن وحربها الداخلية، وحسم الإيرانيين لها، سيؤثر حتماً على المجلس الخليجي الذي تضعضع بسبب توظيفه في الأزمة الخليجية سابقا، والتأثير هنا سيصيب كل دولة، فلا توجد مساحة لبقاء مصالح في داخل اليمن حتى لو استمرت مع الصراع، توازي خسائر فقدانه كلياً، وتحول واقعه إلى رحلة أفغانية استهلكت أربعة عقود وأكثر.
2.? هذا النسيج الاجتماعي اليمني هو نسيج متحد متصل بشعوب المنطقة، متداخل مع رحلتها العمرانية، شقيق مقرب بطبعه وباندماجه، تمثل قوته البشرية طاقة هائلة للتوظيف العمراني، عقول أبنائه وثقافتهم عميقة وعريقة، بنيته القبلية ورحلته السياسية تنعكس على دول الخليج العربي، وبالتالي السلم بالسلم والتأزم بالتأزم، سواءً كان نسبياً أو كلياً.
3.? أثبتت التجربة أن المراهنة على اقتسام مصالح مشتركة، على حساب السلم الأهلي لليمن، أو استقراره الاجتماعي والسياسي لم يمكّن أي دولة حتى اليوم من ضمان مستقبل لمصالحها، والطرف الأكثر رسوخاً هم الإيرانيون، وبالتالي خضعت دول المجلس للتنسيق مع إيران بدلاً من التنسيق بينهم، ثم التفاوض مع طهران قُطرياً وهو ما أضعف هذه الدول فردياً وجماعياً.
4.? لماذا لا تقوم معادلة المصالح لدول المجلس الخليجي عبر اتفاق ثلاثي ثم سداسي، بدلاً من فرض المجتمع الدولي حله بالتوافق مع إيران؟
5.? هذا التوازن المفقود اليوم، لن يضمن مساحة أمن قومي واستثمار مستقر، حتى في جنوب اليمن، فالأجواء في غاية التوتر، وهي اليوم ليست بيئة ثبات جيوسياسي، وهنا يبرز البديل، فما هو؟
6.? إن إعادة الاعتبار للشرعية ليس لقوة واقعها، ولكن لأهمية مركزها لبقاء اليمن الجمهوري العربي مستقراً، وعبرها ينتقل إلى حالة استقرار جديدة انتقالية تشمل احتواء الحوثي وإن بقي الصراع السياسي معه، فالمهم هو ألا يسقط ما تبقى من نظام اجتماعي، حافظ على ثقافة إنسان اليمن وانفتاحه الحضاري، بدلاً من الروح الطائفية في المواطنة واغتيال الحياة المدنية.
7.? وعليه فإن هناك فرصة حقيقية لقاعدة اتفاق بين العواصم الثلاث، تثبّت للسعوديين أمن الحدود وتُبقي لهم تأثيرهم وفرص استثمار قادمة، ومعالجة العلاقة المتوترة مع هذا الجار المهم واللصيق، عبر تثبيت الشرعية من خلال عودتها لليمن.
8.? في ذات الوقت يتم التفاهم مع الإمارات العربية المتحدة، في صناعة موقف جديد يُبقي لها فرص المصالح في الجنوب، ويُعطي الجنوبيين حكماً فدرالياً مستقراً لم يتحقق حتى اليوم، لكن عبر اتفاق سياسي فاعل على الأرض، حين يلتقي بمصالح أبو ظبي فهو قد يساهم في تثبيت علاقة جديدة بين الشمال الشرعي وبين الجنوب، وهنا سيتحول الانقسام إلى قوة سياسية على الأرض، تُغيّر معادلة اللعبة التي تستفرد بها طهران.
9.? وهنا فالتفاهم مع إيران باتفاق كل هذه الأطراف، وتفعيل جسور سياسية مع الحوثي، يمكن للدوحة أن تلعب دورا فيها تأسيسا على وساطاتها الناجحة في أكثر من صراع، يمهد لاتفاق تطبقه دول الخليج مع اليمن بدلاً من انتظار انهيار أكثر، وقرار دولي ليس في صالح اليمن ولا دول الخليج العربي.
إن قرار المصالح والسيادة والوحدة الوطنية لليمن، يخص أبناء شعبه، غير أن خروجه من الحرب، يحتاج اليوم بالضرورة إلى توافق خليجي - خليجي، نأمل أن يُعيد قراءة ذاكرته وما تسبب فيه صراعه لليمن، وأن يُصحح منهجه لوطن يعني الكثير للعرب ولجواره الخليجي.بقلم: مهنا الحبيل