حدَّثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابه عن ليلة المعراج التي صعد فيها إلى السماء فقال:
لما كانت الليلة التي أُسري بي فيها، أتتْ عليَّ رائحة طيبة، فقلتُ: يا جبريل ما هذه الرائحة؟
فقال: هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها.
قلتُ: وما شأنها؟
فقال: بينما هي تمشطُ ابنة فرعون ذات يوم، إذا سقط المشط من يدها، فقالتْ: بسم الله
فقالت لها ابنة فرعون: أبي؟
فقالتْ: لا، ولكن ربي ورب أبيك الله.
قالت: أخبره بذلك؟
قالت: نعم.
فأخبرته، فدعاها، وقال يا فلانة: وإنَّ لكِ رباً غيري؟
قالت: نعم، ربي وربك الله!
فأمر بوعاءٍ من نحاس، ووضع فيه زيتاً، فلما حميَ، جعل يسألها من ربكِ: فتقول: ربي وربك الله. فجعل يلقي بأولادها واحداً تلو الآخر، وفي كل مرة يسألها: من ربكِ؟ فتقول: ربي وربك الله!
فلما بقيَ ابنها الرضيع، فكأنها تقاعست من أجله، فقال لها: يا أماه، اقتحمي فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة!
فقالت لفرعون: إن لي عندك حاجة!
قال: وما حاجتكِ؟
قالت: أن تجمع عظامي وعظام أولادي وتضعها في ثوب واحد.
فقال: ذلك لكِ.
ثم أمر بها فألقيت في الزيت!
يا للإيمان ما يفعلُ بالناس، إنه إذا تمكن من قلب الإنسان قلب الدنيا رأساً على عقب، كان فرعون هو الملك، والماشطة هي الأَمَة.
فلما تواجه الإيمان مع الكفر انقلبتْ الأدوار، صار فرعون هو العبد والماشطة هي الملكة!
وهذا بالضبط ما حصل مع بلال بن رباح، كان عبداً لأمية بن خلف، حتى جاءت اللحظة الحاسمة، وأعلن بلال إسلامه، وحصلت بينهما المواجهة الشهيرة، وانقلبت الأدوار وصار بلال هو السيد وأمية هو العبد!
فاللهم هب لنا من الإيمان ما يقلب في أنظارنا الدنيا رأساً على عقب!
بقلم: أدهم شرقاوي