+ A
A -
كان أبو هريرة يقول للناس: حدثوني عن رجلٍ دخل الجنّة ولم يُصَلِّ قط؟!
فإذا لم يعرفوه، سألوه من هو؟
فيقول: أُصيرم بني عبد الأشهل عمرو بن ثابت بن وقيش!
أما القصة فهي كالتالي:
الأُصيرم هو لقبٌ غلبَ عليه فكان يُنادى به، واسمه الحقيقي عمرو بن ثابت. كان الأُصيرم يأبى الدخول في الإسلام على عكس قومه بنو عبد الأشهل، فلما كان يوم أُحدٍ، وخرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم لقتال قريش، راجع الأُصيرم نفسه في شأن هذا الدين، وتفكَّر في هذا الرجل الذي نزل يوماً من غارٍ مظلم في مكة يقول دثروني زملوني، كيف أصبح اليوم أُمة كاملة، وقوةً يُحسبُ لها حساب في جزيرة العرب، وكيف قد تبعه خيرة أهل المدينة المنورة، فخلصَ إلى أن الرجل نبيٌّ حقاً، وأنَّ هذا الدين الذي جاء به هو من عند الله فعلاً، فشرحَ اللهُ صدره للإسلام!
فأخذَ سيفه، ولحقَ بالجيش، فما وصل إلا والمعركة دائرة، والقتال على أشده، فقاتل ببسالةٍ قتال الأبطال، حتى أُصيبَ إصابةً بليغة، فلما رآه المسلمون عرفوه، فقالوا: هذا واللهِ الأُصيرم، ولقد تركناه وراءنا وإنه لمُنكرٌ لهذا الدين!
فسألوه: ما جاء بكَ يا عمرو؟ أحرباً مع قومكَ؟ أم رغبةً في الإسلام؟
فقال: بل رغبةً في الإسلام، آمنتُ باللهِ ورسوله وأسلمتُ، ثم أخذتُ سيفي فغدوتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقاتلتُ حتى أصابني ما أصابني!
ولم يلبث الأُصيرم قليلاً حتى مات بين أيديهم، فذكروه للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: إنه لمن أهل الجنة!
وهذه القصة لا يُستدلُّ بها على أن الصلاة ليستْ بتلك الأهمية، ولا على أن تاركَ العبادات أمره يسير ويكفيه إيمانه دون عمل ليدخل الجنة، لأن الأُصيرم إنما آمن بعد الصلاة وقُتل قبل الصلاة التي بعدها!
يُستدلُّ بهذه القصة أن الإسلام يجبُّ ما قبله! وأن التوبة الصادقة تجبُّ ما قبلها، وأن الإنسان إذا عزم على التوبة بينه وبين الله، وعلمَ الله صدق توبته، ثم وافته المنية قبلَ الله تعالى منه توبته تكرماً وإن لم يشرع بأعمال التائبين!
يُستدلُّ بهذه القصة على أن الأعمال بالخواتيم، وأن المرء يُبعثُ على ما ماتَ عليه، على أن نُحسن الظن بالله بأنه أرحم وأكرم من أن يعلم أن عبده لا يريدُ إلا وجهه، وأنه يسعى في رضاه وإن عصاه، ثم يقبضه على معصية!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
16/09/2021
2160